ديوان أوقاف المسيحيين والديانات الاخرى

مجـلة صـدى النهريــن - العدد التاسع / حزيران 2009

                                                                                                                                     

اتصلوا بنا

أرشيف الأخبار

مجلة آفاق مندائية

مجلة صدى النهرين

رئاسة الديوان

من نحن

الرئيسية

 

             حياتنا الليتورجية

  دراسات في تراث الكنائس الشرقية 

المطران أنطون بيلوني

 

  عيد الميلاد في الطقس السرياني الأنطاكي
      إعتادت الكنيسة في الأجيال المسيحية الأولى، على الإحتفال بعيد الظهور الإلهي، أي الدنح، في السادس من كانون الثاني. وكان العيد يجمع بين ميلاد السيد المسيح وعماده. وفي كلتا الحالتين يتجلّى الإله ويعلن. ففي الميلاد ظهر الإله الكلمة بصورة إنسان. وفي العماد أعلن الآب يسوع ابن الثلاثين، إبناً له حبيباً:"هذا هو ابني الحبيب الذي عنه رضيت" (متى 17:3). وفي سنة 347  بدّل الإمبراطور الروماني أوريليانوس عيد ميلاد الشمس الواقع في 25 كانون الأول بعيد ميلاد السيد المسيح. وأخذت بعض العواصم المسيحية تحذو حذو روما، ومنها بيزنطية وأنطاكية. وسرعان ما نظّمت الكنيسة السريانية ليتورجيتها وفقاً لهذا الفصل بين العيدين. فأصبح لكل عيد منهما زمنه الطقسي الممتد على فترة من السنة. والقديس أفرام السرياني، وإن لم يعرف العيدين منفصلين، فقد ألّف الميامر العديدة والأناشيد الجميلة في عيد الميلاد. طبع منها الأب يوحنا يشوع اللبناني عشرين نشيداً في كتاب ضمّ النص السرياني مع ترجمته العربية سنة 1994.


 أهمية العيد:
      يُعَدّ عيد الميلاد من الأعياد السيدية الكبرى. ومع ميلاد السيد المسيح بدأ الخلاص يتحقق بشكل علني. إذ تم ملء الزمان وكشف الله للعالم السر المكتوم منذ الدهور وأخذ ملكوت الله في الترسخ والإنتشار. والكنيسة السريانية أعطت عيد الميلاد ما يستحقه من الإهتمام، فهيأت له بتسعة أسابيع وبتساعية صلوات مباشرة وبصوم مناسب، واحتفلت به بأبّهة، وخصّته برتبة فريدة وبفرض خاص وأتبعته بأسبوع. فأصبح زمن الميلاد يتناول سبعة أسابيع في مطلع السنة الطقسية.


 الإستعداد للميلاد _ الأسابيع السابقة:
      مقدمـــات الميلاد ســتة أســــابيع يُحتفل في مطلع كل أسبوع منها بأخذ الأحداث الهامة التي سبقت حدث ولادة إبن الله المتأنس. وجميع هذه الأحداث مأخوذة من الإنجيل المقدس وفق التسلسل الزمني، وتعطي اسمها للآحاد: أحد بــشارة زكريا، أحد بشارة العذراء، أحد زيارة العذراء لأليصابــــات، أحد ميلاد يوحنا المعمدان، أحد الظــــهور ليوسف، والأحد السادس مخصص لِنَسَب المسيح أي لذكر أهم أجداده دلالة على إرتباطه بالبشرية حتى اَدم. وهذه الأسابيع تشكل مع أحد تقديس البيعة وتجديدها أول مرحلة من السنة الطقسية، وتكتمل فيها دورة الألحان الثمانية، ليعود اللحن الأول مع عيد الميلاد.

 


 تساعية الميلاد:
      موازاة مع الصلوات الفرضية السريانية التي يصعب على الشعب الإستفادة منها بسبب نسيانه اللغة الطقسية، أدخلت الكنيسة اللاتينية، لكي تعد الشعب بالصلاة لنيل نِعَم الميلاد بوفرة. ومعظم صلوات هذه التساعية إستغاثات بالطفل الإلهي يتخللها السلام الملائكي، تكتمل بطلبة الطفل يسوع، وتُختَم عادة بزياح القربان المقدس.
 

 صوم الميلاد :
      من حياة السيد المسيح ومن تعاليمه نعلم أن الصلاة كانت مصحوبة دائماً بالصوم والإماتة لتكسب فاعلية أقوى. وكان من الطبيعي أن يسبق عيد الميلاد صوم مناسب لأهمية العيد. وهذا الصوم كسائر الأصوام أصبح في معظمه إختياراً متروكاً لتقوى الصائم وفطنته. وهذا ما جاء في مجمع دير الشرفة عن صوم الميلاد في الصفحة 71:"وأما إمساك الميلاد فكان قديماً من نصف تشرين الثاني إلى اليوم الخامس والعشرين من كانون الأول". ومن الطبيعي أن يكثَّف الصوم والصلاة في اليوم السابق الذي له فرضه الخاص وفي إنقطاع عن اللحم وصوم عن الأكل يُختَم في القداس المسائي بتناول القربان الأقدس.
 

 مغارة الميلاد:
 
     وَضْعْ المغارة في الكنيسة إقتباس آخر من الكنيسة اللاتينية. تذكّر المغارة بمكان ميلاد السيد المسيح وبفقره وبتحمله الحرمان والآلام من أجلنا منذ ولادته. وإنها لعادة حسنة آخذة في الإنتشار حتى في المنازل والحوانيت.
والفضل الأكبر في ذلك يعود إلى القديس فرنسيس الأسيزي الذي إستنبط المغارة لكي يعلّم رهبانه فقر المسيح وتجرده وإتّضاعه. ويا ليت المغارة تعود إلى أصالتها، فلا يُحجب بابا نوئيل _ الخرافة _ الطفل يسوع وحبه العظيم لنا، ولا تُنسي الشجرة المثقلة بالزينة والهدايا، بساطة المغارة وفقرها.

 

 قداس العيد:
      يقام قداس العيد بكل ما يمكن من أبّهة واحتفال. وتتم في مطلعه رتبة الشعلة أو الميلاد كما يسميها عامة الشعب. ويساعد المحتفل في القداس أكبر عدد ممكن من الكهنة والشمامسة، وتُستعمل أثناءه المراوح. وكان لزاماً على المحتفل أن يستعمل أنافورا القديس يعقوب دون سواها، لأنها مفروضة في الأعياد السيدية. كان الإحتفال بالقداس يتم عند الفجر ويسمّى "أتى بميلاده كنور في ظلمات الحياة" كما يقول يوحنا الرسول في أنجيله:"النور يشرق في الظلمات ولا تغشاه ... والكلمة هو نور الحق الذي ينير كل إنسان" (يو5:1و9).

 

الذهاب الى اعلى الصفحة

العودة للصفحة السابقة