ديوان أوقاف المسيحيين والديانات الاخرى

مجـلة صـدى النهريــن - العدد العاشر / كانون الأول 2009

                                                                                                                                     

اتصلوا بنا

أرشيف الأخبار

مجلة آفاق مندائية

مجلة صدى النهرين

رئاسة الديوان

من نحن

الرئيسية

 

 

 

قل له احبك... باللغة التي يفهمها

غصن كمال حراق

 

(عن كتاب "لغات المحبة الخمس عند الأطفال)

 


        إن طرق إيصالنا للمحبة متعددة، وإن اجتمعت على ذات المبدأ. فمن الصعب فقدان هذه الصلة الإنسانية الرائعة ... ومما لا يخفى كم من جهود فقدت هباءً بسبب عدم إيصال الحب بالطريقة الصحيحة رغم المقاصد الطيبة والنوايا السليمة، فإن قول كلمة أحبك لا يعد تعبيراً كافياً لإيصالنا الحب ... هنا سؤال يطرح نفسه وخصوصاً تجاه الأطفال: كيف يمكن أن يدرك طفلي محبتي أو حبي له رغم صغر سنه؟.


        فالأطفال غير مدركين لمفاهيم الحب كالشخص البالغ. إذن يجب أن يكون الحب بشكل عملي قدر المستطاع ليتمكن الطفل من الفهم والنمو بشكل ملائم وسوي، كون عدم شعوره بأنه محبوب قد يولّد لديه مشاكل، فيحاول أن يحصل على الحب من الخارج (الغير مضمون) ولا يختلف أي شخص على وعي كامل بمفهوم أن سلامة الطفل نفسياً أمر غير بسيط مما يوازي السلامة الصحية والجسدية لذلك يجب أن يكون الحب لغة مفهومة وغير مشروطة، فقد يخشى الناس أن يقودهم مفهوم الحب غير المشروط إلى إفساد الطفل لكن هذه الفكرة مغلوطة، فإن الطفل يفسد من قلة التهذيب أو طرق الحب غير المشروط وليس من زيادة الحب. كما إننا لا نعتقد إن الطفل غير مقدّر لمجهودنا نحوه (ناكر للجميل) لكن ربما هو محتاج لتوجيه تعبنا لأمور تحيط اهتمامه وتكون لصالحه ليتمكن من لمس بوادر الحب.


        كما أنك لا تتوقع أن تحب كل الوقت بذات المقياس لأنه لا يوجد أحد كامل، لكن بمجرد أنك وضعت خُطاك بهذا الطريق سترى نفسك وإمكانيات عطاءك قد اختلفت وزادت وإن أصبحت تحب (مهما كان الأمر)، أي كما ذكرنا (بلا شروط). حيث عندما نمارس طرق المحبة ونرى المكاسب سوف نجد أنها تستحق التطبيق، لذا يجب أن نستمر بمنح المحبة للطفل مهما بدر منه، وتحت أي ظروف مغايرة _ كما ذكرنا _ من الآخرين غير الأهل ملجأً له، جاهلين الأمور التي سيتلقاها الطفل على جميع الأصعدة علماً إنه لا يمكن تحديد لغة خاصة بطفلك دون سن السادسة من عمره ... لذا من هذا المنطلق يمكن أن تكتشف لغة المحبة الرئيسية لطفلك من خلال لغات المحبة التالية:
 1- التلامس الجسدي: قد لا يقتنع بعض الأطفال، خاصة النوع الذي يحتاج في دواخله إلى لمسة حنان، ببعض الهدايا والحاجيات التي يقدمها الأهل ... ربما هم يعتقدون بأن الطفل يلمس هذا الحب. إذا لم يكن العناق من طبيعتك فستشعر وكأنك تتصرف ضد طبيعتك وعندما تبدأ تعي أهمية لمس أطفالك بحنان سيكون لديك الحافز للتغيير، كما نلاحظ إن البنات من ينالون النصيب الأوفر من الحنان الجسدي إعتقاداً من الأهل بأن الحنان سوف يؤثر على شخصية الولد، لكن بالعكس كلما كان الطفل ممتلئ من الداخل عاطفياً زاد احترامه لذاته ونضجت هويته نضوجاً سليماً آخذين بالإعتبار كافة أنواع التلامس الجسدي (التصافح، كرة القدم، المصارعة أو التربيت على الكتف أو مداعبة شعر طفلتك .... الخ) لكن يعتبر العقاب الجسدي مُدمراً للأطفال الذين يتكلمون هذه اللغة.

2- كلمات التعضيد: أحياناً كلمة شكر أو إمتنان أو حتى كلمة حب تكون الدواء الناجح للطفل الذي يتأثر بهذه اللغة، وكذلك الكلمات المساندة والمشجعة، فإن الطفل لا يتفهم معنى الحب بقدر تعايشه له من خلال مشاعر حنونة نوصلها له من خلال الكلام أحياناً وخلال الوقت سوف يتفهم معنى الحب لما تحمله كلمات التشجيع من تأثير فعال حين نركز على مجهود معين قام به أطفالنا لكن بحدود الحكمة لا الإسهاب الذي يُفقد الكلام المشجع تأثيره لتكون النتيجة المجهود المبذول لكن حذاري فكلمات التجريح والدينونه تعتبر المدمر الأول للأطفال ممن يتكلمون لغة الحب هذه.

3- الوقت القيم: أحياناً لا يستفيد الأهل من مردود الهدايا لأطفالهم أو الكلمات التشجيعية بقدر قضاء الوقت معهم وممارسة الفعاليات المشتركة التي تحسسهم بالحميمة والحب مع الأهل، كما أن من وسائل التواصل هي العيون التي يستخدمها الكثير من الآباء بطرق سلبية مع العلم إنها من أجمل طرق التواصل بين أبنائنا فلا نضيع هذه الصفة فالأطفال لا يستغنون مهما بلغوا من العمر عن الحديث والدخول في مستويات عاطفية ما هي إلا الثقة التي يتبادلها الأهل مع أبنائهم مما يمهد لعلاقات مستقبلية متقاربة.

4- الهدايا: الهدايا بمعنى (المكافئة على جميع أنواعها وبكل الأصعدة) فكثير من الأطفال يتحدث هذه اللغة من الحب التي نراها تجدي نفعاً في أحيان كثيرة، لكن من غير المحمود اعتماد هذه اللغة كي لا يتخذ الطفل مبدأ المكافئة في حياته فالحياة واجبات كما هي حقوق، أعمال نقوم بها لا ننتظر عليها مقابل ... لكن كي تعبّر الهدية (العطية) عن إيصال الحب الغير مشروط ولا تفقد هذا المعنى فلا تكون شكراناً لفعل شيء أو مقابل أمر ما حينها ستكون هدية مستحقة في حين الهدية الحقيقية لا تكون لقاء أجر معين، وحينها ستكون رمزاً للمحبة بلا شرط، بيد أنها لا تغني عن المشاركات الوجدانية مع الطفل رغم محبة الأهل لأبنائهم لكن كثرة الهدايا لن تكون تعويضاً عن فقدان إحدى لغات الحب الأخرى.

5- تقديم خدمات معينة: إن تكلمنا من هذه الناحية فواجبنا كأهل أمام أطفالنا هو تقديم الخدمات مما يستحوذ على كل الوقت ويتطلب عدة سنين وهو أمر مرهق للنفس والجسد مما يستدعي اهتمامنا بصحتنا، لكن الهدف الرئيسي من هذه اللغة هو مساعدة أطفالنا لتقديمهم ككبار بالغين قادرين على منح المحبة للآخرين ولا يتضمن خدمة الأحباء فقط فإنهم يتعلمون الخدمة. لكن أطفالنا غير ناضجين كفاية فهم بطبيعتهم محبّون لذواتهم ومن غير المتوقع أن يخدموا الآخرين بدافع غير أناني، هم يريدون أن يكافئوا على خدماتهم مما يتطلب وقت كبير وطويل حتى يقدموا خدمة غير أنانية من خلالنا فنحن قدوة لهم في التصرف. فإنهم يختبرون أعمال المحبة بواسطتنا حينها يمكن أن نجعل أطفالنا أن يتعلموا أن يجدوا الراحة بمساعدة الآخرين وهذا الأمر لن يأتي بالصدفة بل سيتعلمون مما سيروه من أفعال والديهم وبالتدريج يمكن أن تلزمهم مسؤوليات صغيرة تكبر بالتدريج معهم وتزيد من وعيهم.
 


كلمة أخيرة:
        يحتاج هؤلاء الأطفال أن تبقى مستودعات المحبة الخاصة بهم مملوءة، لذا يحتاج الابن والإبنة لأن تحاكيهم بكل اللغات المذكورة وبقدر الإمكان مهما بلغوا من العمر بغض النظر عن لغتهم الرئيسية، فهم لا يقدرون أن ينموا ويحققوا أفضل ما عندهم دون سواك ومتى تفعله لهم ... لكن تذكر أن الأطفال قد لا يلاحظون الآن كم تعطيهم حتى وإن داومت على فعل ذلك، لكن حينما ينمون فقد ينظرون لذلك ويلاحظون أن محبتك بكل اللغات ووجودك معهم هي أعظم ما أعطيتهم في هذه الحياة ... ففكر جيداً بما ستزرعه في طفلك ربما لأجله بالمرتبة الأولى وثم ما ستجني من زرعك فيه وأيضاً سيكون لأجلك أنت بالدرجة الأولى كذلك .



(عن كتاب "لغات المحبة الخمس عند الأطفال)


 

الذهاب الى اعلى الصفحة

العودة للصفحة السابقة