ديوان أوقاف المسيحيين والديانات الاخرى

مجـلة صـدى النهريــن - العدد العاشر / كانون الأول 2009

                                                                                                                                     

اتصلوا بنا

أرشيف الأخبار

مجلة آفاق مندائية

مجلة صدى النهرين

رئاسة الديوان

من نحن

الرئيسية

 

 

تشابه بعض الشعائر والطقوس والرموز المتناظرة بين...

الأيزيدية والصابئة المندائية

د. خليل الجندي

 

        سأحاول ذكر نقاط تشابه بعض طقوس وشعائر المندائيين والايزيديين على شكل رؤوس نقاط دون الدخول في تفاصيلها وتحليلاتها، منها على سبيل المثال:-
- إن الكتابات المندائية وكتاب التراث العربي يرجعون تاريخ الصابئة إلى أيام شيت (شيث) بن آدم. ويعتبر شيت في نظر الصابئة شخص مقدس يدعونه (نيتل طابا) أي (الفرس الطيب). كما إننا نسمع في التراث الشفاهي الايزيدي إنهم يقولون "نحن أولاد شيت". ويشترك الصابئي والايزيدي في عملية التطهير الجسدي والنفسي أي التعميد.
- وتوجد للصابئة طبقة من العرافين يسمون (كوجيكا) ونفس الطبقة موجودة لدى الايزيدية وبنفس الاسم تقريباً وهم (كوجاك) ومفردها (كوجك) _ الواو المفتوحة. ويأتي بمعنى العراف أيضاً.
- إذا حدث وفاة للشخص الصابئي يجب أن يدفن قبل غروب الشمس وألا يؤجل دفنه لليوم الثاني، وهذا ما نجده عند الايزيدية بالضبط.
- إن الكساء الأبيض جزء من طهارة وعقيدة الصابئة وعلى كل مؤمن حقيقي صابئي أن يلبس الملابس البيضاء أيام البنجة، وكذلك الملابس البيضاء جزء من عقيدة الايزيدية، يقولون:"ئه م ئيزدينه، د جلك سبينه، د به هشتينه"، بمعنى:"نحن ايزيديون، لباسنا أبيض، ونحن أصحاب الجنة".
- كما إن الأفعة السوداء لها قدسية لدى الصابئة، إذ تنقش على عتبة الدار السفلى أو فوقها، كما إن صورتها منقوشة على الختم المقدس المسمى (سكندوله) أي السكين دولة.
        وللأفعى السوداء قدسية أيضاً لدى الايزيدية بدلالة أن صورتها منقوشة على الجدار الخارجي بجانب المدخل الرئيسي لمرقد الشيخ آدي في لالش النوراني، وكذلك على مزار الشيخ مند في عين سفني مركز قضاء الشيخان. وفي عيد رأس السنة (دهوه ربا) أو نوروز ربا، يضع الصابئون فطائر منقوش عليها علامة الصليب متساوي الأذرع، وهذه العلامة في الأصل علامة ميثرائية قديمة ترمز إلى الجهات الأربع إذ وجدت هذه العلامة قبل المسيح مرسومة على واجهة مزهرية.
        وهذه العلامة يستعملها الايزيدي تيمّناً وتبرّكاً، فحينما يشتري الايزيدي حاجة جديدة يرسمها بأصابعه علامة الصليب، كما إنه عندما يصاب الطفل الايزيدي بارتفاع درجات الحرارة المفاجئة، ويسمونها على المستوى الشعبي (كيما هه يفى) أي نقصان القمر، إذ يعتقدون أن القمر عندما يبدأ بالنقصان يؤثر على بعض الأطفال، لذا يرسمون على وجه المصاب أو على رسغ يديه وبواسطة (سخام) أسفل القدور علامة الصليب المتساوي الأذرع.
- كما إن المرأة الصابئية الوالدة تبقى سبعة أيام في دائرة من الحصى يرفع في اليوم السابع، وهذا ما علمناه من النقل الشفاهي لدى الايزيديات أيضاً إذ يضعون حبلاً على شكل دائرة حول الوليدة.

- يحرم لبس الملابس الزرق لدى الصابئة كما هي الحال لدى الايزيدية. واللون الأزرق هو لون حجاب الروهة وقد ارتبط هذا اللون في أذهان الكهان بـ (الروهة) أم الكواكـب كما أعتقد تحريم الايزيدي للون الأزرق يعود للون السماء.
يعتقد الصابئة الموت إرتحال وانتقال إلى عالم آخر حتى تتصل بعالم الأنوار إذا كانت طيبة وتنتقل إلى صنوف العذاب إذا كانت خبيثة وربما كان تعذيب هذه الروح بإلباسها شكلاً آخر وإظهارها في جسم من الأجسام الذي يكون وجودها فيه عذاباً، وهذا ما تعتقده الايزيدية عبر فكرة التناسخ (كراس كهورين) بالكاف المصرية، أي تبديل الثوب كناية عن بقاء الروح وتبديل الجسم.
- يهتم كل من الصابئي والايزيدي بدرجة ملحوظة بموتاهم وتقديم القرابين والصدقات عن أرواح الموتى. فالايزيدية لهم عيد خاص بالموتى يسمونه (بيلندا بين هلدى بيلندى _ بفتح الياء) إذ أن أرواح موتاهم تخرج وتلتقي بهم كل عام بصوم يزيد (ئيزيد) باسبوعين (خدر سليمان،كوندياتي، ص111). في الخامس والعشرين من (ديسمبر) كانون الأول، وفي هذا العيد يوزع الايزيديون الخبز الحار (صه و ك) على الجيران ويهيئون الأطعمة المختلفة ويوزع على الفقراء وعابري السبيل، وتنحر الذبائح. كما إن في طوافات الايزيدية يذبح كل بيت خروفاً كبشاً بغرض إهدائه للميت. وفي فجر اليوم التالي يتوجه النسوة إلى مزار شيخ مند حاملين أواني كبيرة مليئة بالرز أو البرغل يعلوها رأس الذبيحة. ويعطى ذلك الطعام للفقراء وعابري السبيل بعد قراءات طقسية دينية على الطعام من قبل البابا تقام الأفراح بالطبول والمزامير في ذلك اليوم. كما إن الصابئيين حريصون على أرواح موتاهم من ناحية تقديم وجبات طقسية على أرواح موتاهم وخاصة في العيد الصغير وعيد البنجة. وفيه تقدم (ذفرانه) ذكرى من أجل أرواح الموتى، إذ يجب على كل صابئي أن يقدم القرابين ويقيم الولائم ويجود بالصدقات على أرواح الموتى من أقاربه وأصدقائه في أيام البنجة. كما في العيد الكبير أيضاً تقدم وجبات طقسية على أرواح الموتى. ويلاحظ في عيد البنجة الذي يكون غالباً في العشرة الأولى من نيسان، إنه يجب على كل مؤمن أن يلبس الملابس البيضاء وعليه أن ينتعل الصنادل المنسوجة من ألياف النباتات أو يمشي حافي القدمين وهو المعتاد في مثل هذه الأحوال لأن الأحذية المصنوعة من جلود الحيوانات الميتة نجسة. يذكرنا عادة الحافي بالايزيدية ومشيهم حفاة في وادي لالش المقدس.
- وفي العيد الكبير (دهوه ربا) أي عيد ملك الأنوار، أو عيد نوروز ربا، ويكون في اليوم السابع من شهر آب من كل سنة مندائية. تعلق على مداخل بيوتهم أكاليل من الآس أو الصفصاف لتجلب إلى أهلها الخصب والسلامة. وهذا ما يفعله الايزيدية في عيدهم المسمى (سه ر سالى _ عيد رأس السنة) وهي بداية سنتهم الجديدة ويقع في أول أربعاء من شهر نيسان حسب التقويم الشرقي الذي يتـأخر بثلاثة عشر يوماً عن التقويم الميلادي. ففي عصر يوم الثلاثاء يقطف البنين والبنات ورد نيسان الأحمر، ورد الربيع، ويعلقونه مع قشور البيض المسلوقة والملونة وأنواع من الحشائش على المراقد العليا لأبواب البيت. كما ويسلقون البيض ويقومون بتلوينها بألوان زاهية كلون الربيع الخضرة. والبيض رمز السنة الجديدة وألوانه رمز الربيع البهي، وكثره الإنبعاث وانبثاق الجديد. وليس العبرة في اختلاف التواريخ بين العيدين لدى الديانتين الصابئية والايزيدية بل تكمن الأهمية في الطقوس والشعائر المقامة. ومن المفيد ذكره أيضاً، أن الليدي دراور تقول: إن العيد الكبير والصغير وأعياد رأس السنة هذه كانت في يوم ما أعياد السنة الجديدة وتقع في ربيع كل عام كما يؤكد لي الكهان _ والكلام لليدي _ إن البنجة التي لها علاقة حقيقية بعيد رأس السنة البابلي الذي يقع في شهر نيسان قد وقعت في وقت لا يمكن تذكره في فصل ذوبان الثلوج. إذ أن الصابئة يجهلون التقويم بأسلوب الشهر الكبيسي بعد كل ستة وعشرون عاماً. ولهذا فإن عيد نيسان البابلي والبنجة الصابئي ونيسان الايزيدي ونوروز الميثرائي والزرداتشي، كلها أعياد ربيعية، يتمثل بعودة الأزهار والخضرة والنماء ودبيب الحياة على الأرض، كما إنها تكرار لفكرة الموت والإنبعاث.

 

الذهاب الى اعلى الصفحة

العودة للصفحة السابقة