اتصلوا بنا

أرشيف الأخبار

مجلة آفاق مندائية

مجلة صدى النهرين

رئاسة الديوان

من نحن

الرئيسيـة

                                                                  خواطر وكتابات عامة                                                  

 

في رحاب أرض الرافدين، العراقيون في انتظار بابا الفاتيكان

لويس اقليمس

 

  17 شباط 2021

 

          تجري استعدادات حثيثة ومكثفة في عدد من المدن والبلدات العراقية، ومنها بغداد العاصمة، وعلى كافة المستويات، سياسيًا ودينيًا وكنسيًا وشعبيًا، لاستقبال أول حبر أعظم للكنيسة الكاثوليكية حرصَ وبإصرار لزيارة العراق للأيام من 5-8 من آذار القادم 2021، وذلك في أول مبادرة نوعية لافتة. والكنيسة الكاثوليكية يبلغ تعدادها اليوم بحسب تقديرات دولية أولية حديثة، ما يربو على مليار ونصف مسيحي من المجموع الكلّي التقريبيّ للمسيحيين في العالم الذين يشكلون ما تعدادُه أكثر من 2, 3 مليار مسيحي، اي ما يعادل ثلث التركيبة السكانية في العالم. من الجدير ذكرُه، أنّ المسيحيين الكاثوليك في العالم أجمع يخضعون قانونيًا وكنسيًا لسلطة الكرسي الرسولي ومقرُه دولة الفاتيكان، وهم يشكلون اليوم نسبة تقريبية تصل إلى ما يربو على 51% تقريبًا من مجموع تعداد مسيحيي العالم. يقابل ذلك رقمًا مهمًا للكنائس البروتستانتية والإنجيلية وما في دارتهما من كنائس حديثة غير رسولية ليصل عديدُها بحدود 37% من المجموع العام للمسيحيين في العالم، وما نسبتُه التقريبية 12% لأتباع الكنائس الأرثوذكسية المختلفة بحسب إحصائيات مقربة من الدوائر الفاتيكانية.

    كان لإصرار بابا الفاتيكان، فرنسيس الأول، على تحقيق أمنية سلفه الراحل يوحنا بولس الثاني، وقعٌ كبيرٌ لدى أوساط عالمية وعراقية متابعة لرحلات بابوات الكنيسة الكاثوليكية. وهذه الزيارة لها من الأبعاد المختلفة ما يجعلها اليوم محطّ أنظار العالم بأسره، لكونها ستسبغُ بركة بابوية متميزة على شعبٍ مقهور وجريحٍ مصاب بأشكال العاهات والأمراض والمصائب، إنسانيًا وسياسيًا واقتصاديًا وبيئيًا وعلميًا وثقافيًا وتربويًا وأخلاقيًا، بل وفي كلّ شيء. فالعراقيون يعيشون منذ عقودٍ ضمن اسلوب حياة شعوب القرون الوسطى في تتالي الحروب والنزاعات وأعمال العنف غير المبرّر، وفي الفساد والانفلات الأمني بوجود الدولة العميقة وأدواتها التخريبية، وفي غياب الضمير الإنساني وروح التآخي، وفي انحسار الروح الوطنية في زمنٍ صار الغريبُ والدخيلُ في البلد سيّد الشعب والأرض والثروة. من هنا ندرك شكل هذه الزيارة التي تتخذ طابعًا تضامنيًا مع العراق، حكومةً وشعبًا، بهدف إعادة اللحمة المجتمعية والغيرة الوطنية وتحفيز زمن التآخي والتعايش والتضامن والمحبة والمصالحة بلا حدود ولا رسوم ولا تمييز على أساس ديني أو عرقيّ أو مذهبيّ. كما أنها لا تخفي شيئًا من الرمزية الراعوية الأبوية لأكبر سلطة كنسية في العالم تتنازل للقاء أتباعٍ مسالمين تلقوا صفعة موجعة على ايدي فئة إرهابية تبنت عناوين دولة الخلافة الإسلامية التي عاثت في مدنهم وبلداتهم وقراهم خرابًا ودمارًا، ونهبت بيوتهم وحلالهم ودفعت مئات الآلاف منهم لترك ديار الآباء والأجداد والبحث عن ملاجئ آمنة في دول الاغتراب القاسية.

   إنّ هذه الزيارة الميمونة ستكون الأولى من نوعها لأول بابا يحطّ أقدامَه على أرض الرافدين، بلد إبراهيم أبي الأنبياء، مهد الحضارات وبوابة الثقافات وتعددية الإتنيات والأديان المختلفة المتعايشة على امتداد التاريخ الإنساني، وصاحبة جذور تمتدّ لبداية انتشار المسيحية فيها منذ القرن الأول الميلادي، حيث نمت فيها المسيحية وسط تقلبات الزمن المختلفة. وبشهادة التاريخ ورموزه وروّاده الحقيقيين، كان للمسيحية وأتباعها دومًا اثرُها الكبير على الحياة العامة في العراق والمنطقة، في تميّزها الثقافي والأخلاقي والأدبي والعلميّ والاقتصاديّ والوطني على السواء حتى قدوم الدولة الإسلامية وتعاقب أزمنة الحكم في هذه الأخيرة على عهود الخلافة الراشدية والأموية والعباسية بالتتالي. ومع نهاية القرن الحادي عشر الميلادي، بدأت أهمية المسيحية الحضارية والثقافية والأدبية والسياسية بالانحسار التدريجي لصالح انتشار أدوات الثقافة الإسلامية كنتيجة عملية لطبيعة تعاملها مع باقي الشعوب والأديان من نظرة دونية تجاه المختلفين مع توجهاتها وقيمها ونزعاتها التشددية بفعل إعمال السيف الذي كان سيدّ الموقف والواقع وما شابهه من أدوات القتل والتهديد والترويع. وقد اتخذت تلك الأفعال شكلَ فتوحات توسعية تعسفية آنذاك بهدف نشر الدين الإسلامي بالسيف، إلاّ أنها في الواقع يمكن وصفُها ما يشبه الغزواتٍ القبلية والعشائرية التي آمنَ بها الخلفاء وأتباعُهم وحواشيهم. وبالرغم من كل تلك الأحداث المأساوية التي حدثت للشعب المسيحي عبر التاريخ، إلاّ أنها لم تخلو بين الفترة والأخرى من بروز أعلامٍ وعلماء وأدباء وزعامات مسيحية مؤثرة كانت لها بصماتُها على الصعيد الوطني والمنطقة والعالم في حقبٍ مختلفة ولاسيّما إبان النهضة العربية التنويرية حتى يومنا هذا.

    اهتمام القيادة العراقية وزعاماتها الدينية

    مَن يتابع ويراقب الاستعدادات الحثيثة الجارية على الساحة العراقية يدرك تمامًا الأهمية الكبيرة التي توليها زعامات عراقية دينية وسياسية وبرلمانية لهذا الحدث الكبير. فعلاوة على الاستقبالات المعلنة التي ستجري لبابا الفاتيكان على الصعيد الرسمي، يبرز الحدث الأكبر بلقاءٍ مرتقب لشيخ الفاتيكان المسالم مع سماحة المرجع الشيعي الأعلى الشيخ الوقور، علي السستاني، في مدينة النجف الأشرف. وقد أُثيرت تساؤلات عمّا إذا كان اللقاء المرتقب سيتضمن فعلاً توقيع ما يشبه "وثيقة الأخوّة الإنسانية" التي سبق أن وقعها قداستُه مع شيخ الأزهر أحمد الطيب في 4 شباط 2019. لكنّ الأخبار المتوالية من مراكز المراجع العراقية المتعددة الشيعية والرسمية استبعدت هذه الفكرة تمامًا. ولعلّ من أسباب هذا التراجع، خشية جهات مرجعية وسياسية مقربة من دارة المرجع الديني الشيعي من القبول بأية التزامات أدبية وأخلاقية ودينية تجاه مَن تشملُهم بنود مثل هذه الوثيقة، ونقصد بهم أبناء الأقليات الدينية والإتنية بمن فيهم المواطنون المسيحيون والإيزيديون والصابئة المندائيون وآخرون على شاكلتهم على وجه الخصوص. فهؤلاء هم المتضررون الأكثر من غيرهم بسبب ما يجري من خروقات واعتداءات وتهميشٍ من جانب سطوة المثلث الحاكم وفق معايير المحاصصة القاتلة والظالمة بحق الوطن وأبنائه. وفي هذا التراجع أو عدم القبول، هناكَ مَن يثير تساؤلات حول تأشير توقعاتٍ بوجود دوافع سياسية وضغوط خارجية تقف خلفه، بسبب ما قد يحتمله مثل هذا الالتزام من انحسار محتمل لسطوة دولة جارة تمسك بزمام الحكم والسيطرة والتوجيه بلا منافس على الساحة السياسية العراقية وبالتواطؤ مع الراعي الأمريكي وحلفائه للعملية السياسية برمتها. وفي اعتقادي، لو كان حصل التوقيع على مثل هذا البروتوكولٍ الأخوي الإنسانيّ، لفُرزت له أصداءٌ دولية قوية بسبب ما يحمله من رموزٍ دينية ودلالاتٍ إنسانية في إبرازٍ واضحٍ لسمات الوئام والسلام والتسامح والمحبة التي تؤمن بها الديانات التوحيدية الثلاث، وعلى رأسها وفي مقدمتها المسيحية، وذلك من دون اختلاف أو خلافٍ في المبادئ الإنسانية العامة إلاّ في ما لا يؤمنُ به أدعياءُ التشدّد والتطرّف وعرّابو الحروب والقتل والنهب والسلب ورافضو التعايش السلمي والاختلاف التعددي في الدين والعرق والمذهب.

     في كلّ الأحوال، فإننا ندرك أهمية الزيارة التاريخية المرتقبة التي توليها الزعامات العراقية المعتدلة جميعًا لكونها تصبُّ في أمل إعادة الدولة العراقية إلى مسارها الصحيح بين الدول وشعوب المنطقة والعالم بالعمل على إعادة هيكلة السياسة الوطنية وتوجيه دفتها نحو بناء الإنسان العراقي والابتعاد عن اية نزعات ولائية غير وطنية لصالح أطرافٍ خارجية. فكل هذه العناوين الفرعية الدخيلة غير الوطنية القائمة في حاضرنا الراهن، لا يمكن بأيّ شكلٍ من الأشكال أن تكون حريصة على بناء البلاد والعباد أكثر من أبنائها الأصلاء في حالة العمل بعيدًا عن الانتماء الصادق للوطن والأرض والحضارة والثقافة الخاصة به. وستبقى هذه المسميات الدخيلة المهيمنة منذ ما يربو على ثمانية عشر عامًا والناجمة عن الهزالة في إدارة البلاد ووسط غياب واضح للإرادة والضمير والروح الوطنية المطلوبة الضامنة للاستقرار والتنمية والتطور والرفاه للشعب، مثار امتعاضٍ وسخط ورفض دائمٍ من قبل عامة الشعب ونخبه الصابرة.

    لقد تناهى لأسماعنا أيضًا، تمنياتُ العديد من الزعامات السياسية والدينية من إسلامية ومسيحية وإيزيدية وصابئية، اللقاء مع قداسته. ونأمل أن تكون الفرصة مؤاتيه لمثل هذا اللقاء التضامني الأخوي والإنساني على عتبة "زقورة أور" التاريخية في ثاني أيام الزيارة يوم السبت المصادف 6 شباط والتي خصّص لها البابا مكانة في قلبه وضميره ضمن برنامج الزيارة، حيث ستكون فرصة لتوالي الحوار بين الأديان والمعتقدات وفق مبدأ احترام التعددية والتنوع التي من شأنها زيادة ثراء عناصر المحبة والأخوّة والتضامن من أجل خلق مجتمعات متعايشة سليمة إنسانيًا وبشريًا. فالاختلاف في الدين والعرق والبشرة واللون والفكر والتقاليد، مثلُه مثل اختلاف أنماط الحياة وسلوكيات البشر. فكلّ اختلاف هو بحدّ ذاته غنى إيجابي وثراء تكاملي يُكملُ ما ينقصُ الآخر ويبني على ما يقدّمُه الآخر من مبادرات وأعمال خير ومحبة وتفاهم وتعاضد، وعلى كلّ شخصٍ أن يقبلَ الآخر كما هو وليس وفق مقاساته وتفكيره ورؤيته التي قد تكون قاصرة أو ناقصة في بعض جوانبها وطروحاتها. كما أنّ اختلاف الألوان والأفكار والرؤى يمنح اللوحة البشرية جماليًتها ويزيدُ عليها إذا كانت جميلة ومتميزة. هكذا نحن في عراق الحضارة والثقافة، تتميّز شعوبُنا وأتباع دياناتنا بشيٍء من الجمال في بعض ملامحنا وسلوكياتنا. كما أنه ليس بالضرورة أن تكون المنظومة بأكملها متشابهة ومتساوية في السلوك والفعل والأداء، بل إن أيّ اختلاف فيها دليلٌ على وجود نوعٍ من الاستقلال في تلك المنظومة. وإنّ أيَّ اختلاف هو دومًا محطّ تقديرٍ وتفاعلٍ وتكاملٍ بالحوار والنقاش والتفاهم على الحدود الدنيا من الرؤى والأفكار ووجهات النظر، شريطة أن تصبّ جميعًا في صالح الإنسان والمجتمعات والأوطان. فهي الأداة الصحيحة لبناء الإنسان والأوطان واستقرار شعوب الأرض وسلامتها وأمنها، طالما أنّ الإنسان هو محور الحدث وصاحب الحياة!

     لا للتطرف في الأفكار والسلوك

    لا ننكر أن من أهداف الزيارة البابوية، تأكيد الفاتيكان الرسمي على ضرورة حماية التعددية والاختلاف في الدين بين الأقلية والأغلبية الحاكمة. فالزيارة فيها من الأبعاد السياسية ما يساويها ممّا تحملُه من أهدافٍ روحية وتعزيزية وتشجيعية ترقى لتثبيت أتباع الديانة المسيحية والمطالبة الحثيثة بزيادة حمايتهم من أجل المحافظة على جذورهم التاريخية والحضارية والثقافية، في بلاد "شنعار"، العراق. وهي رسالة شاملة أيضًا لجميع أتباع الديانات الأخرى التي تشكل اليوم أقليات ضعيفة وواجبة الحماية في البلاد. وفي هذه الزيارة نقرأ أيضًا بين السطور نداء ملحًا ودعوة واضحة لإشاعة روح التآخي والتعايش ونبذ اية نزعة للتطرف والتشدّد على أساس الدين والمعتقد والعرق والطائفة. فهذه جميعًا تعسّر الحياة لأتباع الأقليات الدينية والمذهبية والعرقية ولا تيسرُها لهم. بل إنّ أيَّ شكلٍ للتشدّد والتطرف في الأداء والفكر والتعاطي مع الآخر المختلف عن دين الحاكم من شأنه قتلُ أيّة روحٍ للتفاهم والحوار من أجل غدٍ أفضل يهدف لتكوين مجتمع تسوده المحبة والوئام والتفاهم والتوافق، ليس من أجل تعزيز المكاسب غير المشروعة، بل من أجل البناء السليم لمجتمع سليم يحظى جديرٍ بوطنٍ يحمل الخير والرفاهة والسلام للجميع على اساس تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة وفق مبدأ الجدارة والكفاءة والأهلية وصحة الانتماء للوطن. وهذا ما ينقصنا في بلدنا منذ عقود، وزادت منه الزعامات السياسية الحاكمة بأمر الغازي الأمريكي الصلف منذ ما يربو على ثمانية عشر عامًا بعد التغيير الدراماتيكي الوقح في 2003 بحجج واهية وتبريرات سياسية منتفعة بناءً على تهريجات وتخريفات معروفة الأغراض والأهداف والتوجهات.

   إن في رسالة بابا الفاتيكان رائحة ذكية من الروح الإنسانية يودّ نقلها لعموم الشعب وللزعامات الدينية والسياسية بتكريس الحكمة وإعمال العقل وسيادة العدل وتشجيع روح الإحسان وتبادل الاحترام وترسيخ علاقات الثقة المتبادلة بين جميع مكونات الوطن الواحد الذي يفخر بكونه أرض أبي الأنبياء إبراهيم، أبي إسحق ويعقوب وابنائه الاثني عشر وأسباطهم الذين عاشوا على هذه الأرض الطيبة وتباركوا بها وباركوها بأيديهم وأرجلهم واعمالهم وذرّيتهم من بعدهم. أفلا يستحق ابناؤُهم من بعدهم العيش الرغيد الهانئ المفعم بالتفاهم والتآزر والسلم والأمان والاستقرار والرخاء بعد السنين العجاف من توالي المصائب والآلام والأزمات؟

    من موقع آخر، لو لاحظنا، فالزيارة التاريخية هذه ستشمل وسط البلاد وجنوبه وشمالَه، وفيها دلالات طيبة على احترام ورؤية قداسته لجمالية الإرث الإيمانيّ والإنسانيّ والحضاريَ الذي لا مثيلَ له في العراق، فشاءَ أن يُظهرهُ للجميع ولأبناء الوطن بوجه أخصّ. وفي اعتقادي، أن لقاءه التاريخي الذي سيجمعُه مع المرجع الشيعي، سماحة الشيخ الوقور علي السيستاني، كما فعلَ مع فضيلة شيخ الأزهر أحمد الطيّب ، سيفتح ابوابًا عديدة للتفاهم والتحاور وتجاوز التمييز بين أبناء الوطن الواحد على أساس الدين والمذهب والطائفة، ومنه وضع حدود حاسمة للتجاوزات الحاصلة بسبب الراديكالية القائمة لدى بعض الفصائل المسلحة التي تتخذ مِن ما يُسمّى بشعار المقاومة سبيلاً لفرض سطوتها وتشكيلها تهديدًا لكلّ مَن لا يواليها في الفكر والأهداف أو يعترضُ سبيلَها. وفي كلّ الأحوال، يمكن الانطلاق من وراء تحقيق هذا اللقاء التاريخي المهمّ، نحو فضاءات أوسع لتقديس حرية الفرد في الدين والفكر والتعبير. وكما أشار قداستُه يوم توقيع الوثيقة مع شيخ الأزهر بالقول :"بدون الحرية، لا يمكن أن نكون أبناء العائلة البشرية الواحدة". فالحرية الدينية حقٌّ مكفولٌ لأيّ إنسان مخلوق على صورة الله ومثاله، ومن شأنها أن تعمّق مفهوم الأخوّة بين البشر في البلد الواحد وفي العالم على السواء. وهذا ما حدا بالأمم المتحدة لاعتماد تاريخ التوقيع على تلك الوثيقة من كلّ عام "يومًا دوليًا للأخوّة الإنسانية" ليكون بمثابة دعم عالمي لجميع الجهود الإنسانية الرامية لنشر ثقافة التسامح والتعايش والتضامن وكذا لمكافحة كلّ أشكال التمييز والتطرّف والتشدّد والعنصرية والكراهية بين الأجناس البشرية مهما كانت أديانُها وحضاراتُها وألوانُها وأعراقُها ومذاهبُها ومعتقداتُها. فالأديان لله والأوطانُ وثرواتُها وخيراتُها لمَن يعيش فوقها ويستغلُّها للصالح العام للأوطان وأهلها ولعموم البشرية، كونها خليقة الله الحسنة.

     وأخيرًا أغرّد مع أبناء وطني من ذوي الإرادة الطيبة: مرحبًا بالبابا فرنسيس في رحاب أرض الرافدين!

   تنويه: تأتي زيارة البابا فرنسيس إلى العراق في الأساس بناءً على دعوة خاصة من رأس الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم غبطة البطريرك (الكاردينال) لويس ساكو، باعتباره رأس الكنيسة الكاثوليكية في العراق أيضًا. وبتحفيزٍ من غبطته، ونظرًا لسعة علاقاته الطيبة مع الرسميين في الدولة العراقية وعددٍ من زعامات الأحزاب السياسية، تبنت رئاسة الجمهورية الفكرة، وكثفت الخارجية العراقية من جهودها لتحقيق حلم هذه الزيارة. لذا، لا غرابة أن تتسم الزيارة ببصمات واضحة للكنيسة الكلدانية في تنظيم برنامج الزيارة التاريخية من حيث اختيار مواقع الزيارة وإدارة فعالياتها وفرض ما تراه موائمًا لكنيسة العراق بالتفاهم مع سفير الفاتيكان المتعاطف مع رئاسة الكنيسة الكلدانية. فكنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك أو كنيسة الطاهرة الكبرى في قرقوش، كانتا الأجدر بتكرّم قداسته إقامة قدّاس في إحداهما، لكون كلتا الكنيستين تمثلان رمزًا ودلالة على الشهادة الخالصة للرسالة المسيحية في العراق، وقد نالتا قسطًا وافرًا من قساوة الدهر والشهادة وأعمال العنف والتخريب والدمار والنزوح والتهجير. لذا وجب التنويه مع وافر التقدير والاحترام لجميع الجهود بإنجاح الزيارة!

-------------------------------------

---------------------------

 

أعلى الصفحة

العودة للصفحة السابقة