هل أنت الرجل المفلوج؟
الكاتب رائد نيسان حنا
7 كانون الاول, 2025
إن قصة الرجل المفلوج (أو المشلول) التي سجلتها الأناجيل، هي واحدة من القصص الأكثر إلهامًا وتأثيرًا في الكتاب المقدس. غالبًا ما نقرأ هذه القصة بعين الإعجاب للإيمان الاستثنائي لأصدقائه الأربعة، الذين لم يجدوا وسيلة لإيصاله إلى المسيح وسط الزحام، فقاموا بجهد عظيم وكشفوا السقف وأدنوه من فوق. فنال الرجل الشفاء الجسدي الذي كان يتمناه.
لكن السؤال العميق الذي يطرحه هذا المشهد هو: كم في عالمنا اليوم يشبه الرجل المفلوج؟ وهل نحن بحاجة إلى أن نتقدم إلى المسيح لكي نُشفى من حالة أعمق وأكثر تعبًا من مجرد شلل جسدي؟
الشلل الروحي في عالمنا المعاصر
إن الفلج، بمعنى الشلل الكامل أو الجزئي، هو حالة جسدية تعيق الحركة والقدرة على تحقيق الذات. ولكن، يمكن أن يكون هناك نوع آخر من الشلل، أشد وطأة، وهو الشلل الروحي أو النفسي. هذا الشلل قد يأخذ أشكالاً عديدة في حياة الإنسان المعاصر:
• شلل العزلة والوحدة: عندما يشعر الإنسان أنه غير قادر على الوصول إلى الآخرين أو إلى الله بسبب أسوار من الخوف أو الخجل أو الانعزال، فيظل حبيس عالمه الخاص.
• شلل اليأس والإحباط: عندما يعتقد الشخص أن وضعه الحالي (سواء كان إدمانًا، أو خطيئة متكررة، أو فشلًا متواصلاً) هو مصيره الأبدي، ولا توجد قوة يمكن أن تغيّره. إنه الشلل الذي يوقف الإرادة عن المحاولة.
• شلل الشعور بالذنب: عندما تجعلنا أخطاؤنا الماضية غير قادرين على "الوقوف والمشي" في النور، بل نظل ممددين ومحاصرين بثقل الدينونة الذاتية.
• شلل عدم القدرة على المغفرة: عندما يكون المرء مشلولاً بغضب أو مرارة لا يستطيع التخلص منها، فتمنعه من التمتع بالسلام الداخلي والحرية الروحية.
هذا النوع من الشلل، مثل الفلج الجسدي، يمنعنا من تحقيق الحياة المليئة والفاعلة التي صُممنا من أجلها. إنه يجعلنا نعيش على هامش الحياة، بينما الآخرون "يقومون ويحملون أسرتهم ويمضون".
🚶 الطريق إلى الشفاء: التقدم بالإيمان
لقد علَّمتنا قصة الرجل المفلوج مبدأً أساسيًا للشفاء الحقيقي: يجب أن نصل إلى المسيح. بغض النظر عن مدى صعوبة الوصول، أو كم هي الأسوار سميكة، فإن الشفاء يبدأ عندما نكون في حضوره.
عندما رأى يسوع الرجل المفلوج، لم يبدأ على الفور بالشفاء الجسدي. بل نظر إلى حاجته الأعمق والأكثر إلحاحًا، وقال له: "يا بني، مغفورة لك خطاياك" (مرقس 2: 5). هنا يكمن المفتاح:
• المغفرة أولاً: الشفاء الحقيقي من الشلل الروحي يبدأ دائمًا بالتصالح مع الله ومغفرة الخطايا. إن المسيح لديه السلطان ليرفع ثقل الذنب الذي يشلّنا ويمنعنا من الحركة.
• الإيمان هو الوسيلة: لم يكن الرجل قادراً على المشي، لكن الإيمان هو القدم التي أوصلته إلى المسيح (أو أوصلته أقدام أصدقائه بالإيمان). إن التقدم إلى المسيح يتطلب إيمانًا بأن لديه القوة ليس فقط لمغفرة خطايانا، بل وأيضًا لقول الكلمة التي تُقيمنا من جديد.
• الاستجابة هي العمل: عندما قال له يسوع: "قُمْ وَاحْمِلْ سَرِيرَكَ وَاذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ"، كانت هذه دعوة للعمل والحركة. الشفاء ليس مجرد شعور داخلي، بل هو قدرة جديدة على "القيام" والتعبير عن الإيمان من خلال حياة جديدة ومختلفة.
إن كان قلبك اليوم مثقلاً بالشلل الروحي، إن كنت تشعر بأنك عاجز عن مغادرة مكانك الروحي المتعب أو غير قادر على مقاومة خطية معينة، فالسؤال هو: هل أنت مستعد للتقدم؟
إن المسيح اليوم، كما كان بالأمس، يدعو المفلوجين بشتى أنواع شللهم. كل ما يتطلبه الأمر هو إيمان بسيط، إيمان يتوق إلى لمسة المغفرة والشفاء. أقدم اليوم، ودعه يرفع الفلج عن جسدك وروحك، لتسمع صوته الحنون يقول لك: "قم وامشِ."