الجودة نهج للتميز
الدكتور أَحمد عبد الأمير الناشي - مدير قسم إدارة الجودة الشاملة والتطوير المؤسسي
14 تشرين الاول, 2025
الجودة وفقاً للمنظمة الدولية للمعايير (ISO) هي تحقيق متطلبات الزبون في الحصول على منتج أو خدمة معينة بمواصفات تتجاوز توقعاته، مما يعزز ثقته ورضاه وبالتالي تعزيز نمو وربحية الشركة. ويتم ذلك بتنفيذ استراتيجيات ومنهجيات عمل تتضمن التركيز على العملاء، والتحسين المستمر للعمليات والإجراءات، وتمكين الموظفين، وتطبيق نظام فعّال لمراقبة الجودة مبني على التشخيص والتصحيح والوقاية لمنع تكرار حدوث الخطأ وتجنب معوقات العمل.
نشأة وتطور الجودة
برز الوعي بأهمية الجودة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بعد أن كانت عمليات التصنيع تخضع للرقابة والتفتيش فقط ليتم استبعاد المنتج المعاب منها بعد إجراء الفحص العشوائي مستنداً للتقديرات الاحصائية بدلاً من تفعيل الإجراءات الوقائية والتصحيحية لمعالجة الخلل قبل حدوث الخطأ. حيث بدأت الشركات اليابانية باستقطاب العلماء الغرب لتطوير مفهوم الجودة في شركاتهم. وكان العالم الأمريكي ديمنك (Edward Deming) من أبرز العلماء الذين ساهموا في إدخال تقنيات الجودة ومفاهيمها للشركات اليابانية في الوقت الذي كانت فيه أفكاره ونظرياته في الجودة بعيدةً عن التقدير والاهتمام في بلاده. واعتمد في ذلك على تطبيق وتحليل الرقابة الاحصائية بعد جمع المعلومات والبيانات عن مستوى جودة المنتج أَثناء مراحل عملية تصنيعه من أجل الوقوف على مستوى الجودة المتحقق.
ثم تتابعت وتوسعت النظريات والممارسات الإدارية التي تؤكد على الجودة إلى مفهوم إدارة الجودة الشاملة (Total Quality management) بإضافة جوانب أَكثر شمولاً وعمقاً فاستخدمت الشركات الأمريكية أساليب متطورة في مجال تحسين وضبط الجودة والتعامل مع الزبائن والموردين، وتفضيل أساليب تأكيد الجودة. مركزة على الاستخدام الفعال والأمثل للموارد المادية والبشرية للشركة في اشباع احتياجات العملاء وتحقيق أهداف المؤسسة أو الشركة، وذلك في إطار من التوافق مع متطلبات الزبون والمجتمع.
وبعدها تبلورت إدارة الجودة الاستراتيجية (Strategic Quality management) كفلسفة إدارية عامة ونهج متكامل ومستدام يربط بين تحقيق الجودة في المؤسسة وأهدافها الاستراتيجية طويلة الأجل. ليصبح أسلوبا رقابياً استراتيجياً يعزز الأداء العام للشركات وبالتالي مكانتها وسمعتها في السوق.
أهمية تطبيق أنظمة الجودة
1. تسهيل عملية مراقبة ومراجعة إجراءات العمل لتحديثها وتقليص الاجراءات غير الضرورية.
2. خلق بيئة تدعم التطوير والتحسين المستمر وتشجيع العمل الجماعي.
3. رفع الكفاءة ومعالجة معوقات العمل قبل حدوثها.
4. رفع مستوى رضا العملاء من خلال تلبية إحتياجاتهم وتوقعاتهم وبالتالي تحسين الربحية والانتاجية.
5. تهيئة المؤسسة للتكيف مع جميع المتغيرات الداخلية والخارجية.
6. إدارة الوقت بكفاءة وفاعلية.
7. الإستخدام الأمثل لموارد المؤسسة البشرية والمادية.
8. تعزيز سمعة المؤسسة ومكانتها.
دور التكنولوجيا في إدارة الجودة
أَدى التطور والتقدم الحاصل في المجال التكنولوجي للعب دوراً حاسماً في تعزيز وتطوير أَنظمة إدارة الجودة من خلال رصد وتحسين جودة المنتجات والخدمات بطرق جديدة وفعالة عبر الوسائل الآتية:-
- الأتمتة: أي تحديث الاجراءات الورقية إلى ألكترونية وتفعيل أنظمة آلية لزيادة الدقة وتقليل الوقت.
- التحليل الدقيق: أي استخدام التكنولوجيا في تحليل البيانات والتي تساعد الشركات على رفع مستوى فهم الأداء وتحديد الاجراءات التي تحتاج إلى المراجعة والتحسين.
- التواصل الفعال: التكنولوجيا تسهل التواصل بين فرق العمل، مما يتيح تنفيذ الجودة بشكل أكثر فاعلية.
إدارة المخاطر في أنظمة إدارة الجودة
هي عملية التنبؤ بمعوقات العمل ومعالجتها قبل حدوثها لتقليل احتمالية حدوث الخطأ وبالتالي رفع جودة المنتجات أو الخدمات إضافة إلى ترشيد استخدام الموارد والوقت. حيث ان إدارة المخاطر جزءٌ لا يتجزأ من أَنظمة إدارة الجودة. وتتضمن عملية إدارة المخاطر ما يأتي:-
1. تحديد المخاطر المحتملة.
2. تحليل وتقييم المخاطر.
3. وضع خطط وقائية واستراتيجية للتعامل مع المخاطر.
4. التطوير والتحسين المستمر.
التحديات التي تواجه تطبيق أَنظمة الجودة
- ضعف التزام الإدارة العليا لتطبيق أَنظمة الجودة أو عدم توفير الموارد الكافية لتنفيذها.
- التركيز على الأهداف قصيرة المدى بدلاً من السعي للتحسين المستمر لتحقيق الأهداف الاستراتيجية.
- غياب ثقافة الجودة ومقاومة الموظفين للتغيير نتيجة الخوف من فقدان وظائفهم بسبب تحديث العمليات، وبالتالي صعوبة إعادة هيكلة بعض العمليات لتتناسب مع متطلبات الجودة.
- عدم وضوح الأهداف والاستراتيجيات حول كيفية تطبيق أَنظمة الجودة داخل المنظمة.
- نقص الموارد المالية والتكنولوجية وعدم توفير برامج تدريبية كافية لتطبيق التقنيات الحديثة في إدارة الجودة.
- غياب الوعي الكافي بين الموظفين بأهمية الجودة ودورها في تحسين الأداء المؤسسي.
الخاتمة
مما تقدم نجد بأن إدارة الجودة نظام يتضمن مجموعةً من الفلسفات الفكرية المتكاملة والادوات الاحصائية والعمليات الادارية المستخدمة لتحقيق الاهداف المرجوة ورفع مستوى رضا العميل والموظف على حد سواء، وذلك من خلال التحسين المستمر لاجراءات المؤسسة وبمشاركة فعالة من الجميع من أجل منفعة الشركة والتطور الذاتي لموظفيها وبالتالي تحسين نوعية الحياة في المجتمع .