عمــل النعمـــة..... 

رياض كوركيس ميخا الصباغ 

       
  ربي أنني لك وأسر بأن احسب ذاتي كولد صغير بين ذراعيك وأضع في قلبك الأبوي همومي كلها، أريد أن أتفانى في التأمل بقدراتك الالهية وفي ضعفي المتناهي فهذه الفكرة تحررني من أنانيتي ومن اهتماماتي وتجعل في نفسي حرية مقدسة وعزة بنوية، يانفسي أنت لا تستطعين عمل شيئاًألا بالله، فالنعمة هو صميم كيانك الفائق الطبيعة، ليست ألا عطية من الله، أن فعل النعمة خفي كالنبع الذي تصدر منه، النعمة تأتي وتذهب والنفس تجهل أنها قد مرت أو أنها قد تتغلغل ، لكن عملها يبقى سرياً ، فعل النعمة ثارة يهدر كالسيل ويصب في النفس بحجم النور و محبة "ومن نهر لذاتك تسقيهم" مزمور (9:35 )، فتصبح النفس مغمورة به فتصرخ "حسبي ياسيد حسبي !فما عدت قادرة على أحتمال خيراتك وطوراً تجري النعمة كالماء في ساقية هادئة فتسقي القوى وتلج الحواس وتروي الأفعال فينمو كل شيء ويزدهر بندى مفعولها وكالحقل الخصب تعطي النفس لله علة وافرة، وأحياناً يكون فعل النعمة قاصفاً كدوي الأمواج في بحر مضطرب وأحياناً أخرى تكون نغمة لطيفة كالنسيم فتمر مداعبة النفوس وتلاطفها وترفعها وتحملها معها الى أجواء عليا فتحس النفس أنها في الرضى والسرور وقوة العزيمة وتغدو وكأن حضن الله قد أصبح مقاماً عادياً ومضجعاً لراحتها، بالفعل الله من يستطيع أن يكشف أسرارك أنك قريب تسهر وتقوي الأيمان تؤكد الرجاء ،وتضرم المحبة وأنك حيث ما تمرتحيي وتخفض وترفع فأنت تارة منبع متدفق، وطوراً سيل سريع ،ونهر صاخب وبحر عميق، يا نفسي لا تحاولي أن تسري أعماق السر الالهي فليس لك أن تعرفي فعل الله وتحليله واجبك عدم معاكسة هذا الفعل الالهي، أن تفتحي له عندما يطرق بابك وأن تستقبليه بمحبة مهما كان نوع التنكر الذي يظهر، أن الله قادر على كل شيء وهو يقدسك فاستسلمي له يا نفسي أحبي ألهك وباركي في كل وقت أسمه القدوس ....


المصدر :
- كتاب بذات المقال (3).