نهايــــــة الجــــــــــوع    -  عبدالله النوفلي

 " تسألونني متى ينتهي الجوع في العالم، وأنا أجيبكم عندما نبدأ بتقاسم ماهو موجود معنا" الأم تيريزا.
"كنت جائعا فأطعمتموني، عطشانا فسقيتموني، وغريبا فآويتموني" (متى 35:25)
كلمات معبرة تفوهت بها الطوباوية "الأم تيريزا" أم الفقراء التي كان همها الأعظم هو محاربة الفقر، حاربته طوال حياتها وانتشلت عددا لا يُحصى من الأطفال المهمشين الذين كانت تجدهم على اعتاب الموت في مزابل وأزقة كلكتا، حيث نذرت نفسها لتكون أما للفقراء، وكان همها إنهاء الجوع من العالم وتبحث عن السبل الكفيلة لذلك، وخرجت بمقولتها المعبرة والتي جعلناها في صدر مقالتنا هذه.
فإننا نسمع ونقرأ عن الدول الغنية وتلك الأخرى الفقيرة، والذي يتحكم بسلة الخبز للعالم أجمع هي مجموعة من الدول لا يصل عددها إلى عدد الأصابع، بينما دول العالم فاق تعدادها المائة والربع، ونجد هذه الدول الغنية مسيطرة على اقتصاد العالم وتضع الخطط وترسم خطواتها بحيث تحافظ على الأسعار وتحقق الأرباح على حساب المستهلك الذي يكون معظمه من الدول الفقيرة وأحيانا منها ما يسمى تحت مستوى خط الفقر!!!
إذا طالما أن ثروات العالم وبسبب الظروف المناخية وطبيعة الأرض والتربة لم تتوزع بعدالة لكافة دول العالم، فإن الجوع سيستمر ولن ينتهي من العالم والأمر مرهون بهذه الدول الغنية التي عليها أن ترسم سياسات أقتصادية لتخفيف الأعباء عن مثيلاتها من الفقيرة، ولو نظرنا إلى خارطة العالم والكثافة السكانية، سنجدها تزداد كثافة كلما توجهنا نحو الدول الفقيرة وتقل عندما نتوجه نحو الغنية، ولو عملت هذه الدول التي منَّ الله عليها بثروات هائلة لاستخدام الأيدي العاملة من الدول الفقيرة فيكون العالم تلقائيا يسير نحو توزيع ثرواته وليس بمنية على الفقيرة ولكن بأجور العمالة التي سوف تستخدمها من تلك الدول، كما أن الدول الغنية لو قامت بتوزيع الفائض من الناتج لديها على الدول الفقيرة بدل رميه في البحر كما تتصرف أحيانا بعض الدول حفاظا على الأسعار المرتفعة، لما بقي شخصا يعاني من الجوع في العالم.
لأن أسباب الجوع كثيرة ومتنوعة ويدخل التخلف في مقدمة أسبابه وعدم التصرف بحكمة بالمدخولات وبالثروات الطبيعية وبما وفره الله لنا من ماء وأرض وخامات تكفي ليس لسكان الأرض فقط بل تكفيهم لسنين لا تعد ولا تحصى، وعندها لا نخاف من حدوث حرب المياه أو سيطرة الدول المتقدمة على الخامات الموجودة تحت الأرض في دول لا قدرات لديها لاستغلالها لتبدأ عملية السرقة لهذه الثروات ولا يجني أبناء البلد سوى الحصرم والفتات الذي يسقط من موائد الأثرياء.
إنها المأساة التي تخلق الجوع وتنتج ملايين الجياع حول العالم، ونجد آلاف المنظمات الاجتماعية والانسانية التي تبحث عن وسيلة أنقاذ لهم دون ان تستطيع وضع حل جذري لأن مثل هذه الحلول بيد السلطات وتتدخل بها اعتبارات كثيرة. ولو فكرت هذه السلطات بمقولة المسيح له المجد عندما كافأ من هم على يمينه أو عاقب من هم على يساره بقوله "كنت جائعا فأطعمتموني.. وعطشانا فسقيتموني ... وغريبا فآويتموني" (متى 35:25)، وفي الحالة العكسية يقول لم تطعموني ولم تسقوني ولم تأووني، الأمر الذي إن فعله الإنسان فإنه يستحق ملكوت السماوات... فيا أيها الإنسان هل تريد هذا الملكوت؟ إذا قلت نعم فإن الطريق واضح وما عليك سوى سلوكه عبر أخيك الآخر هذا الإنسان المهمش أو المتروك أو الجائع أو العطشان، أو الغريب... وهؤلاء سيقودونك إلى حيث الملكوت وحيث لا ينفع لا مال ولا بنون أو يعمل عث أو سوس، وحيث يجب أن يكون كنزنا لنمجد الله ونتنعم بنعيمه الذي ينعدم فيه الجوع والعطش ويتم تطبيق العدالة التي افتقدناها على الأرض، وهناك سنجد الطوباوية الأم تيريزا هانئة البال ومرتاحة لأن ما تعبت من أجله في الهند وكل أرجاء العالم تم حله في الملكوت.
إنها دعوة لكي نبدأ منذ الآن السير في طريق الملكوت حيث لا جائع فيه ونبدأ ملكوتنا منذ اللحظة ولا نخسر الوقت، إلى هذا الأمل وهذا الهدف ندعو الجميع لكي نبدأ بتصحيح المسيرة.