دور المفتش العام

د. سامية يوسف شعيا

 

 يتصور الكثيرين ان مكتب المفتش العام يلعب دور الشرطي الذي يحمل بيده العصا لمن عصا، او يمثل البعبع الذي يؤرق نوم الكثيرين حيث كان التفتيش سابقا مبني على نظام المخابرات والاستخبارات ويعمل على التربص بالسلبيات ويعاقب أشد العقوبات، وقد بقيت هذه النظرة سائدة لفترة طويلة مما ادى الى تشربها بنفوس اغلبية الناس على كافة المستويات ولهذا كان الكل يتراجف في حال سماعه بوجود تفتيش على دائرته او وزارته.
لقد مر شعبنا بفترات مظلمة وعصيبة ولمدة ليست بالقصيرة وقد عانى فيها من الفقر المدقع وشظف العيش مما أدى الى استفحال الفساد الاداري والمالي نتيجة الحاجة الى المال لتلبية احتياجات الحياة وخصوصا الشريحة العاملة في القطاع الحكومي لكون رواتب الموظفين كانت لا تمثل سوى 3% من الحاجة الفعلية للعيش الرغيد.
عليه لاجل اعطاء بعض الحقوق للانسان العراقي بادئ ذي بدء تم تعديل راتب الموظف بما يضمن عيشه بمستوى يحميه من الفساد بكل انواعه وايضا لا زالت الدراسات مستمرة لتحسين الوضع المعيشي للموظفين بعمل سلم للرواتب يتناسب مع الشهادة والخدمة.
اما المرحلة الاخرى التي تم انجازها فهي استحداث هيئة النزاهة العامة والتي تعمل على تحقيق النزاهة والشفافية من خلال عملها الدؤوب في متابعة رصد الفساد ومعالجته ولأجل دعمها واسنادها، تم تفعيل دور الرقابة المالية لتكون اليد اليمنى للهيئة بما يحقق التدقيق الشامل لكافة المصاريف و الايرادات لدوائر الدولة.
كما تم استحداث مكاتب المفتشين العموميين (لتكون اليد اليسرى للهيئة)) في وزارات الدولة وهي تمثل العيون والآذان و الضمير للوزير، العيون التي ترى الفساد وتعالجه، الآذان التي تسمع عن وجود الفساد وتمحوه، والضمير الذي يصحح المسار الخطأ للافراد عملا بالمبدأ (الوقاية خير من العلاج).

   مكاتب المفتشين العموميين تعمل بكل نزاهة وشفافية وبروح الحرص بالتعاون مع هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية على بناء هذا الوطن العزيز ورفعه من هوة السقوط وعليه وللأجل محو الفكرة السابقة عن التفتيش توجب على المفتشين العموميين ايضاح دورهم الفعال والمهم حسب قانون 57 في هذا المضمار للوزراء والوكلاء والمدراء العامين في الوزارات التي يعملون فيها لتسهيل مهمتهم، وكذلك لوضع مبدأ بيد لمعالجة اسباب الفساد الاداري والمالي في الوزارات، لأن دور مكتب المفتش العمومي هو تقديم وتطوير العمل الاداري والفني بما يخدم الصالح العام.
ان عمل المفتشين العموميين يكون فعال في حالة معرفة المفتش العام بكل التفاصيل الدقيقة التي تخص وزارته من حيث الهيكلية، الملاكات، التوصيف الوظيفي، الخطة الاستراتيجية، توزيع المهام والواجبات حسب الاختصاص ولكن الذي يحصل ان عمل مكاتب المفتشين العموميين لازال متعثر بسبب الفهم الخاطيء لدورهم وكذلك المعوقات التي يواجهها في حالة طلب معلومات معينة وخضوضا اذا كانت تخفي وراءها فساد، كما ان الخوف الباطن لدى الناس من تدخلهم في الاخبار عن الفساد الاداري والمالي لازال مسيطر على الكثيرين مما يؤي الى استمرارية ذوي النفوس الضعيفة والذين يتبوؤن مناصب عليا في استغلال مناصبهم لجمع الاموال بطرق غير مشروعة لذا توجب علينا ان نعمل يدا بيد لايصال الفكرة الصحيحة من دور مكاتب المفتشيين العموميين لكافة ابناء شعبنا سواء العاملين في وزارتنا او عامة الناس لزرع الثقة في نفوسهم تجاه هذا الجهاز المهم في القضاء على الفساد الذي يضر بمصلحة البلد و يقربه من الهاوية.
كما نتمنى في نهاية الامر ان يكون هناك دعم لهذه المكاتب على صعيد السلطات العليا من الدولة والوزارات التي يعملون معها من حيث دعمهم بالملاكات التي يحتاجونها والميزانية اللازمة لانها الادوات لتنفيذ اعمالهم عن اكمل وجه.