المسيحية والعراق

 كلمة رئيس ديوان أوقاف المسيحيين والديانات الآخرى ألقيت في ورشة الحوار حول الأديان

أربيل 9 تشرين الأول 2008

تتواجد المسيحية في العراق منذ المائة الأولى للمسيح، وقد استلم العراقيون البشرى من تلاميذ المسيح مباشرة، ويقال أن التلميذ توما الرسول كان هو المُبشر أو بواسطة تلميذيه؛ مار أدّي أو مار ماري الرسولين الذين قاما بتلمذة المشرق كله وصولا إلى الهند والصين.

وفي العراق يتواجد حاليا (14) طائفة مسيحية تنتمي للمذاهب الثلاثة المعروفة عالميا وهي: الكاثوليك .. الأرثذوكس ... البروتستنت، ولدينا في العراق مذهبا رابعا هو لكنيسة المشرق بشقيها؛ التقويم الغربي أو الشرقي القديم، ويطلق عليهما جزافا بالكنائس النسطورية، وهذه الطوائف ألـ (14) معترف بها قانونا بموجب القوانين العراقية.

جميع المسيحيون يؤمنون بالإله الواحد، ولديهم قانون إيمان يتلونه بصلواتهم يأتي في مطلعه: نؤمن بإله واحد الآب الضابط الكل...

كما يبدأ المسيحيون الصلاة بالبسملة التي تقول: باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين، وهذا لا يعني أنهم يؤمنون بثلاثة آلهة لأنهم يختمونها الإله الواحد آمين، فهذه ثلاثة مسميات لإله واحد، تماما كما يقول المسلمون: باسم الله الرحمن الرحيم. فهم أيضا يذكرون ثلاث صفات محددة لله، وهي: الله .. الرحمن .. الرحيم ..

أيضا المسيحيون يؤمنون بأن إلههم هو محبة والمحبة هي الركيزة في مجمل ما يتصرفون وما يعملون ويوظفونها في كافة التصرفات، ولا يكون المسيحي مؤمنا إن لا يغفر لأخيه الآخر لأنه يقول في الصلاة التي علمها المسيح له المجد للمسيحيين ما يأتي: أغفر لنا خطايانا كما نحن أيضا نغفر لمن أخطأ إلينا، وكمثل بسيط على ذلك نجد أن المسيح قد غفر لصالبيه وهو على خشبة الصليب بقوله، يا أبتي أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون، ومثال من تاريخنا القريب نذكر زيارة طيب الذكر البابا يوحنا بولس الثاني لمن أراد قتله وهو في السجن وغفر له فعلته ولم يطالب مطلقا أن يحاكم أو يعاقب لما اقترفته يداه.

كما ان المسيحية تؤمن بأن الانسان مخير وليس مسيرا، وليس له قضاء مكتوب مسبقا وقدر محتوم عليه السير بموجبه، إنما الانسان في المسيحية حر في تصرفاته بموجب ما يمليه عليه عقله الذي زينه به الله وعليه أن يسير على هدي وصاياه كي لا يسقط في الخطيئة أو يتوب عنها مستفيدا من سر التوبة إذا كان قد ارتكب زلة ما. والوصايا جاءت في الكتاب المقدس وهي بمثابة العلامات التحذيرية للبشر تقينا من مغبة الوقوع في الأخطاء وتحذير للذي أخطأ أن يعود ويتوب ويرجع إلى طريق الحق، وبناءا على ذلك يكون الله حاشاه غير عادلا لأنه يحكم على البعض بأن يكونوا أشرارا وفي النهاية يعاقبهم على شر أعمالهم ويرميهم في جهنم النار، وكذلك كنا لا نستطيع أن نكرم أو نشيد بالمخلصين المجدّين والخيّرين لأن الله كتب عليهم القيام بكل ما فعلوه من البداية والله هو الأجدر بالاشادة والشكر على ما فعله هؤلاء!!! وأيضا لو كان كل شي مكتوبا لما درس الطالب لكي ينال الدرجات العليا !!! إن كانت كل الأمور مكتوبة على الجبين ويجب أن تراها العين!!!

هذا المنطق لا تقره المسيحية لكنهم يؤمنون بأن الله يعلم كل شيء من البداية وإلى الأزل لكنه لا يتدخل في خيارات الانسان مطلقا ويجعله يختار بنفسه ما يشاء.

أشكر لكم أصغائكم وأتمنى أن أكون في هذا الوقت الضيق قد أوصلت لكم بعضا مما يؤمن به المسيحيون كي نفهم بعضنا بعضا والشكر لله الذي ساعدني لكي أوضح ذلك والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

عبدالله النوفلي

                                                           رئيس ديوان أوقاف المسيحيين والديانات الآخرى