توما الأكويني ابن عائلة من النبلاء ولد عام 1225م في قلعة والده الكونت لاندوفل روكاسكا قرب أكوين الواقعة في جنوب ايطاليا... فيلسوف ولاهوتي كاثوليكي، ويعتبر احد علماء الكنيسة الثلاثة والثلاثين، تلقى تربيته وثقافته في دير البندكتيين الكائن على جبل (كاسينو) وكان اهله يأملون ان يصبح الأب الرئيس فيه يوما ما.
في سنة 1240م أتى الى نابولي لأنهاء دراسته وهناك صارت له علاقة مه رهبانية
الدومنيكان الحديثة، فأستمالته حالاً مُثلها في الفقر والدراسة والحياة
الرسولية... أعترض أهله بشدة على دخوله دير الدومنيكان الذين كانوا في نظرهم
اقل قبولاً من الناحية الاجتماعية من البندكتيين الارستقراطيين المقيمين في جبل
كاسينو. لكن توما اصر على رأيه، وفي عام 1244م لبس الثوب الاسود والابيض الذي
يرتديه الاخوة الواعظون...
في السنة التالية ارسله الدير الى باريس ليدرس على يد العلامة (البرن
الكبير) الذي لحق به بعد حين الى مدينة (كولن) فتخرج توما الاكويني مدرساً،
وراح يعلم في مراكز عديدة تابعة للدومنيكان، البعض منها في باريس وروما
ونابولي. وقد برع في هواية الكتابة والتأليف.. فألف كتبه الضخمة ومنها (الخلاصة
اللاهوتية) التي اضحت ومازالت الكتاب اللاهوتي المتمتع بأكبر سلطة في الكنيسة
الكاثوليكية.
القديس توما الاكويني، فيلسوف لاهوتي له خبرات تصوفية ايضا، ونلاحظ في سيرته
انه بينما كان ذات يوم يصلي وهو في حالة انخطاف امام صورة (المسيح المصلوب)،
سمع صوتاً يقول له "لقد كتبت حسنا عني يا توما، فما هي المكافأة التي
تريدها...؟" فقال توما (لا شيء سوال يا رب).
للقديس توما الاكويني اسلوب موضوعي في كتاباته، لكن اوصافه للحياة الروحية
ليست عقلية محضة، بل تستند الى خبرته الشخصية، ومن جملة التعابير المفضلة لديه
قوله ((الالتزام بالله)).
يرى توما ان مجمل الحياة الروحية شبه (بنية بديعة) قائمة على الفضائل ومواهب
الروح القدس، وبالأخص موهبة (الحكمة).. ان التفكير في الله يعطي الفرح، والفرح
الرافض لكل ألم... ولو ان الفرح في هذه الدنيا لا يأتي كاملاً، كما ان الاشتياق
الى الله لا يُشبعْ على الارض. حتى التأمل في آلام المسيح يُعطي الفرح، لأنه
يكشف ان الله خلق الانسان على صورته ومثاله... وذلك من فرط محبته للبشرية.