من يدحـرج لنـا الحَجَــر - عبدالله النوفلي
من وحي القيامة
المجيدة، ومن القراءا ت الطقسية فيها نجد نسوة مسرعات إلى القبر للقيام بما هو
معتاد عليه مع ميت مضى على موته ثلاثة أيام، وهنَّ مع أنفسهنَ يتساءلن مَن يا
تُرى يُدَحرِج لنا الحَجَر؟ فيا ترى من هو ذلك الميت؟ ولماذا وُضِعَ حجرٍ ثقيل
على باب قبره؟
إنها حقا علامات وأسئلة يتوجب علينا الوقوف عندها والتأمل في معانيها
وأسبابها!!! وفي حادثة القيامة لم يطُلْ انتظار النسوة كثيرا، بل استغرق فقط
مسافة الطريق ليتفاجئن عند وصولهنَ بأن الحجر قد دُحرج وملاكاً جالساً عند باب
القبر وإلى نهاية القصة الواردة في الإنجيل المقدس والتي أيدها التلاميذ بطرس
ويوحنا لاحقا، لأن الميت كان قد انتصر على الموت والقبر أصبح فارغاً والمنتصر
ظُنَّ أنه البستاني!!!
ما ننشده من هذه المقدمة ليس الولوج في موضوعاً دينياً وتحليل الحادثة، بل
الحجر الموضوع على قلوبنا بل صدورنا في عراق ما بعد السقوط!!!! وعلينا أيضا
وبمشروعية أن نتساءل كما تساءلت النسوة (مَنْ يُدَحرِجْ لنا الحَجَر؟) وهل
سنحضى بملاك يحل لنا المشكلة ويريح أعصابنا؟ أما ان الحجر باقٍ في مكانه وعلينا
العمل لحلحلته وإزاحته وإنهاء المعاناة، لكن انتظارنا يبدو سيكون طويلا لأن
قوانا آخذة بالتناقص وجسمنا بالوهن والحجر يزداد ثقله يوما بعد يوم!!!
فالحجر الذي بُدأ بتصنيعهِ ووضعه على صدورنا كانت مادته الأولى هي القضاء على
الديكتاتورية وما إلى ما ذهبت إليه حُجج الصانعين، هذه كانت النواة التي تم
تصنيع الحجر منها، ثم بدأت مواد أخرى تتجمع حواليه ليصبح حجرا عملاقا وربما
يصبح أكبر مما نتصوره الآن لأنه مرشح لازديادٍ في حجمهِ، فهناك مواداً طائفية؛
بحيث جعلت من الشيعي يتوجس من السني وهكذا السني أيضا وهناك موداً مذهبية وأخرى
قومية وأخرى تدخل في مهام المُنكر والمعروف!! ومواداً تكفيرية وانتقامية بهدف
تصفية الحسابات المتراكمة من الزمن الماضي والمترشحة من الحروب المختلفة، كل
هذه وغيرها الكثير تجعل من هذا الحجر، حجراً عملاقا ومن المستحيل حتى التفكير
ولو بمحاولة زحزحته قيد أنملة أو حتى التفكير بالتقدم نحوه وعمل شيئا ما
أزاءه!!! لقد أصبح بحجم الفيل ونحن أصبحنا امامه كالنملة. ولا مَن يُنقذنا من
هذا الحال!!!!
فمن يُدَحرِج لنا الحجر؟ إذا الانتخابات انقضت منذ شهور ولا حكومة تلوح في
الأفق!!! ومن يفعل ذلك؛ إذا الأحزاب ملتهية بتقسيم غنائم الانتخابات، وكلٌ
يحاول الإيثار بأكبر وأهم المناصب، لكن هنا ليس العيب فقط على الساسة الذين
أصبحوا في المقدمة كنتيجة منطقية للانتخابات، بل العيب بالذي ساعدهم بالوصول
إلى هذا المكان عبر صناديق الاقتراع!!! إننا لم نفكر بعقلنا لكي نوزن الأمور
بميزانها الصحيح بل بعاطفتنا وانتماءاتنا القومية والمذهبية!!! وهذا ما
جنيناه!!
إنه لواقع مبكي والشعب يستحق ذلك مع الأسف كونه كان أحد الأسباب المهمة لما
وصلنا إليه، فلم يبقى أمامنا سوى أن نسأل من خَلقنا وجَعلنا في هذا العالم أن
يُرسل لنا العون، ملاكٌ من عنده يُدحرج لنا الحَجَرَ، لكي نتنفس بصورة طبيعية
ونعيش حالنا الطبيعي ونتكلم بحرية، فلنتضرع إلى ربنا من أجل هذه الغاية وبحرارة
آملين مِن عدلهِ الإلهي أن يكون مُجيب الدعاء.