ديوان أوقاف المسيحيين والديانات الاخرى

مجـلة صـدى النهريــن - العدد الحادي عشر / حزيران 2010

                                                                                                                                     

اتصلوا بنا

أرشيف الأخبار

مجلة آفاق مندائية

مجلة صدى النهرين

رئاسة الديوان

من نحن

الرئيسية

 

 

الكوردولوجيا والأيزيدية

د. خليل جندي

 

 


     الكوردولوجيا والأيزيدية موضوع واسع جداً، لذا أحاول أن أقف عند نقاط ومفاصل رئيسية، وبعد ذلك أبيّن كيف تم معالجة ذكر الأيزيدية والأيزيديين ضمن الكوردولوجيا. أبرز النقاط هي:
1- ماذا تعني الكوردولوجيا؟.
2- أسباب ظهور الكوردولوجيا.
3- مراحل تطور الكوردولوجيا.
4- فوائد ومضار الكوردولوجيا.
5- كيف ننظر نحن الكوردو إلى ميدان الكوردولوجيا وكيف نستفيد منها لمستقبل شعبنا؟.


    (أولا / لوجي) لاحقة تأتي بمعنى مفهوم، علم _ من الطبيعي أن تدخل أية مادة كتابة: بحث أو كتاب صدر كتب بشكل علمي على الكورد، ضمن حقل الكوردولوجيا. وهذا يعني أن الكوردولوجيا تضم جميع جوانب الحياة الكورد: منه لغة تاريخ، الدين (معتقد) (الطقوس) العادات، الملابس، الحياة، الإقتصادية والإجتماعية ...إلخ، وهنا تلعب اللغة دوراً كبيراً، وتعتبر عموداً من أعمدة الكوردلوجي لأن لغة شعب أو مجموعة عرقية ما، تميز شعب عن آخر. ومن الطبيعي هنالك فرق بين اللغة التي يتحدث بها المرء كظاهرة صوتية وبين لغة الكتابة.

 

    لغة الكتابة هي وسيلة للتعبير عن الظواهر الصوتية. ويجب أن نعلم أن التعبير عنها يتم على شكل صور. مقاطع، (رموز) وبعد ذلك تطور إلى شكل الحروف، أمثلة: الحروف الهيروغليفية _ السومرية المسمارية _ اغاريت _ آرامي _ سنسكريتي ...إلخ).

    إرتباطاً بهذا الموضوع يقول العلماء بأن الدافع والسبب الرئيسي والأساسي من وراء إكتشاف الكتابة كان ظهور الدين والدولة. ترتبط اللغة دائماً بتطور وتقدم المجتمع، ووقفت اللغة الكوردية عبر العصور التاريخية في وجه الكثير من المخططات (اللغات السامية: اليونانية الإيطالية)، لكنها تمكنت من المحافظة على إستقلاليتها.

    بداية اللغة الكوردية المكتوبة
- يعدّ بعض العلماء الكتابة المقدسة (افيستا) في القرن السادس قبل الميلاد والمكتوبة باللغة الميدية _ الكوردية كأول بداية ظهور لغة الكتابة الكوردية _ أعوام الستينات، وحسب مقال للأستاذ (كيوي موكرياني) نشر أبجدية كوردية ديمة يقول : إن تاريخ تلك الأبجدية يعود إلى ما قبل 2800 عام قبل الميلاد حسب قوله، إنه إكتشف ذلك الألف باء على جدران كهف في منطقة راوندورز. ولم يؤكد هذا الخبر مصدر آخر.

- في السنوات الأخيرة، قام الأستاذ "محمد ملا كريم" بنشر أبجدية كوردية، حيث كتب: أنه أخذها من كتاب "شوق المستهام في معرفة رموز الأقلام" لابن وحشية النبطي الكلداني عام 241 هجرية.

    إجمالاً، يجمّع الكتاب الكورد على إن بداية الكتابة باللغة الكوردية تنطلق من نتاجات بابا طاهر الهمداني (935-1010م) وبعد ذلك من أشعار "علي الحريري" وغيرهم من الشعراء الكورد الكلاسيكيين.

    إذاً كان من الصعوبة بمكان إعتبار الكتابين المقدسين "مصحف والجلوة" كأحد بدايات الأبجدية الكوردية في القرن الـ 11 الميلادي، وذلك بسبب عدم إطّلاعنا على مضمونيهما الحقيقي وبدون شكّ، فإن العالم الجليل والمتصوف الكبير الشيخ أدي وكذلك الشيخ حسن والشيخ فخر الدين والشعراء وعلماء الدين أمثال (بير رشي حيران و درويش قاتاني ودرويش قطل وبابكر اومرة وكوجك جم ودرويش تاج الدين وبابكر جزيري و مسكينو زارو) الذين عاشوا في القرن الـ (11-12)، رغم أن أشعارهم لن تصلنا بصفة مخطوطات أو كتب، إلا أنه مما لاشك فيه أنهم تركوا وراءهم إرثاً أدبياً مكتوباً، هذا إضافة إلى وجود (مشورات _ الإيزيدية) على سبيل المثال مشور (خطي بسي) المدوَّنة بمزيج من اللغة العربية العامية والكوردية كما هو معروف، فإن الشعراء والكتّاب الكورد على إمتداد قرون طويلة كتبوا أشعارهم وأعمالهم بالحروف الأبجدية العربية وبالخط الفارسي إلى أن توصلوا لإصدار جريدة كردستان لأول مرة عام 1898 في القاهرة.

    يعرف العلامة توفيق وهبي (1891-1984) كمبادر ومؤسس الأبجدية الكردية، وقام الأستاذ المذكور سوية مع آل بدرخان والبروفسور ماك كينزي والبروفيسورة جويس بلاو بوضع الأبجدية الكردية.

    منذ منتصف القرن التاسع عشر جرت محاولة بروسيا القيصرية وضع أبجدية باللغة الكردية بالحروف الأرمنية، نتيجة تواجد عدد غير قليل من الكرد فيها، لكنها لم تنجح بسبب عدم ملائمة (فونتيكا) حروف اللغة الأرمنية مع الكردية.

    رأي البروفيسور ب. ليرخ الذي يعد من الكردولوجيين الأوائل بروسيا، إنه من الأهمية بمكان وضع أبجدية لاتينية للغة الكردية، إلا إن محاولته لم تنجح أيضاً لأن النظام القيصري لم يُعِر تلك الأهمية للكرد القاطنين داخل حدودها عكس إهتمامها بالكرد خارج حدودها.


أسباب ظهور الكردولوجي:

    إن الموقع الجيو _ بولوتيكي لكردستان ووقوعها بين الإمبراطوريتين العثمانية والصفوية جلب إنتباه البلدان الأوربية وخاصة بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا من جهة، وروسيا القيصرية من جهة أخرى، حيث أرادت تلك الدول إقامة علاقات مع الكرد للتعرف على طبيعة حياتهم وتاريخهم وعاداتهم وأسلوب معيشتهم عن قرب، وفيما يلي نشير إلى تلك الأسباب:

1- السبب الإقتصادي: بعد قيام الثورة الصناعية في القرنين الـ (17-18)، وما تلاهما في أوروبا، سعت تلك البلدان إلى إيجاد أسواق لتصريف بضائعها وضمان الحصول على المواد الخام الرخيصة لمعاملها.
2- الحملات التبشيرية: لنشر الديانة المسيحية في أراضي هاتين الإمبراطوريتين
3- الأسباب العسكرية والسياسية: قامت الدولتان البريطانية والألمانية بالدرجة الأولى، وكذلك فرنسا بمساعدة الدولة العثمانية عسكرياً ومالياً للوقوف بوجه مطامع روسيا القيصرية، حيث إستطاعت تلك الدول عبر هذه الوسيلة الوصول إلى بلاد الكرد.
4- أرادت روسيا القيصرية من جانبها التي كانت تحارب الإمبراطوريتين العثمانية والصفوية، أن تصل إلى الكرد وضمن حدود الإمبراطوريتين المذكورتين وتتعرف عليهم.
لقد مرّ الإهتمام بالكورد وببلاد الكورد في ذلك الوقت بمرحلتين، لكننا الآن نضيف مرحلة أخرى لتصبح ثلاثة، وهي:
1- المرحلة الأولى: بعد الثورة الصناعية وصراع الدول الأوروبية للإستيلاء على الأسواق. استمرت تلك المرحلة إلى نهاية القرن التاسع عشر، أو يمكننا القول استمرت إلى بداية الحرب العالمية الأولى ( 1914-1918).
2- المرحلة الثانية: الإستعمارية ومن أجل الإستيلاء على النفط والمعادن الأخرى، وبدأت تلك المرحلة أثناء الحرب العالمية الأولى وبعدها ومازالت مستمرة إلى يومنا هذا.
3- أستطيع القول، بأن عصر التكنولوجيا والعولمة وخاصة بعد تاريخ 2001/9/11 في ضرب أبراج نيويورك _ أمريكا من قبل الإرهابيين، مرحلة جديدة، علماً أنها لا تشمل الكرد فقط وإنما العالم بأسره.
وقبل المجيء إلى تقييم العمل الاستشراقي بفوائده وأضراره، أو أن أشير باختصار، كيف بدا أولئك المستشرقون بين الكورد ؟.

- لقد تم كتابة تلك الأبحاث والكتب والتقارير والموضوعات حول الشعب الكوردي خلال المرحلتين الأولى والثانية من قبل الرحّالة والدبلوماسيين والمبشرين والعسكريين والجواسيس الذين أُرسلوا خصيصاً للمنطقة. وفيما يلي أسماء بعضهم: (ريض، روجر، بوَتساندريسكي، طولدنشتان، كلابروث، مستر بيل، ميجرسون، ستيظن لونطريك، ذابا ...إلخ ).

- عند الحديث عن الكوردولوجي والإستشراق، يجب أن لا ننسى كتاب (شرفنامه) لمؤلفه شرفخان البدليسي، كأحد المراجع المهمة والنادرة، وبسبب أهميته، فقد تم ترجمتها إلى العديد من اللغات العالمية من قبل المستشرقين وغيرهم، على سبيل المثال: ترجم إلى اللغة العربية من قبل (محمد علي عوني)، إلى التركية (موجود كمخطوطة منذ عام 1667)، إلى الكردية من قبل (ملا محمود البايزيدي) (1856-1859) مخطوط، إلى الألمانية ( ك .أ. بار مخطوط في فيننا)، إلى الفرنسية (ف.ب.شارموا 1868-1875) إلى الروسية (بيفكاينا فاسيليفا وفليامينوف زيرنوف).


الكوردولوجيا والكنائس الأوربية:

    تحت غطاء الإهتمام بالمسيحيين القاطنين في الإمبراطورية العثمانية، قامت الكنائس الأوربية بإرسال العديد من المبشرين القساوسة إلى كوردستان على سبيل المثال:

    الايطالي "ماوريزيو كارزون"، مكث لمدة سنتين في الموصل ورحل بعد ذلك إلى العمادية وكانت حينها عاصمة إمارة بهدينان، وظلّ في العمادية أكثر من عشرين عاماً، وصدر كتابه المعروف حول قواعد اللغة الكوردية واللهجة الكورمانجية الشمالية (قواعد وكلمات اللغة الكوردية 1786).

- وفر عام 1836م، قام مبشر سويسري باسم (هورنلي) بالإشتراك مع (شنايده ر) بإصدار بحث حول اشنوغرافيا وعلم السم اللغة الكوردية: حاولوا للمرة الأولى أن يترجموا الإنجيل إلى اللغة الكوردية _ اللهجة الموكرية.
- وفي عام 1815 قام "صاموئيل رييا" بتأليف كتاب حول قواعد اللغة الكوردية في منطقة أورمية.
- وقام مبشر أمريكي يدعى "ل.و.موسوم" توضع تأليف كتاب في مهاباد حول اللغة الكوردية اللهجة الموكرية.
- وعاش مبشر فرنسي أخر باسم "توماس بويس" أكثر من أربعين عاماً في كوردستان وبلاد الشرق، وكتب حول تاريخ وأدب وأديان الكورد وعاداتهم الإجتماعية، الكوردولوج والمستشرقين القدماء والجدد هم من الكثرة بحيث من الصعوبة أن نذكرهم جميعاً، ولكن على سبيل المثال: ب. جويى بلاو، البروفيسور فيليب كراينيروك، بروفيسور ماك كينزي، ب. فانبرونستن، دكتورة كريستينا اليسون ...إل. ومن بين أحد الشروط الرئيسية الكوردولوجي المستشرق هو/ هي إلمامة ومعرفته (ها) باللغة الكوردية بشكل جيد.


الكوردولوجيا في روسيا القيصرية والإتحاد السوفيتي السابق:

 

    تحتوي الأكاديمية الروسية للعلوم وكذلك معهد الإستشراق، أكثر من مثيلاتها على المخطوطات والدراسات والأبحاث والتقارير عن جميع مجالات حياة الكورد.

    توجد طبعاً أشياء قيّمة ومهمة عن الديانة الأيزدية وحياتهم الإجتماعية. في الإتحاد السوفياتي السابق وفي عام 1963 وصل عدد (البيبلوغرافيا الموسع حول الكورد) إلى (2690) إنتاج، حيث كان نصيب المواد المكتوبة في روسيا القيصرية، والإتحاد السوفياتي لاحقاً إلى (1634) إنتاجاً، بمعنى إن 3\4 يعود لروسيا، أما القسم المتبقي فكان يتوزع على دول: بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا وسويسرا.

    منذ القرن التاسع عشر طلبت الأكاديمية الروسية للعلوم من قناصلها ومسئوليها الإداريين الذين لهم علاقات و اتصالات مع الكورد، أن يزوّدوها بالموضوعات والكتابات عن الكورد، بمعنى إن حقل الدراسات الكوردية بدأت هنالك منذ القرن التاسع عشر، وقام القناصلة والمسؤولين الروس بكتابة الكثير من الأبحاث عن الكورد.

    وقبل إندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914، كانت توجد عدد من المدارس باللغة الروسية في القرى الكوردية بأرمينيا، وعندما إنتصرت الثورة البلشفية في روسيا وبالأخص في بدابة عام 1920، تم ولأول مرة فتح الكثير من المدارس الكوردية واستخدمت (دُرّست) فيها الأبجدية الأرمنية. اللغوي الأرمني (اكوب غازريان) هو الذي وضع أسس تلك الأبجدية، وانتشرت تلك المدارس فيما بعد في مناطق جورجيا وأذربيجان، وأُطلق اسم (رؤذ) على أول كتاب تعليمي بالأبجدية الأرمنية للمدارس الكوردية.

    وبعد أن أنهى عرب شمو دراسته في معهد الإستشراق في موسكو عام 1924، لعب دوراً كبيراً بين الكورد، وبدعم وتشجيع من الوزير الأرمني وضع عام 1925-1927 الأبجدية الكوردية.

    وزار الأكاديمي والكوردولوجي السوفياتي المعروف "يوسف ايطارؤظيض اوربيللي" في مدينة لينينطراد، حيث قيّم تلك الأبجدية وصاروا فيما بعد أساساً لطباعة أول جريدة معروفة بـ "ريَيا تازة". أصبح عرب شمو أول عميد لمعهد التربية في أرمينيا وأصدر روايته "الراعي الكوردي _ شفانى كوردى" بتلك الأبجدية. في عام 1931 قيّم كاميران بدرخان وجهات استشراقية أخرى في أوربا عالياً الأبجدية الكوردية التي وضعها عرب شمو وتم قبولها من قبلهم. وفيما يلي أسماء عدد من المستشرقين الروس وبعض أعمالهم المنجزة:

1- بيوتر ليرخ: يعد مؤسس الكوردولوجيا في روسيا. تمكن جمع الكثير من المعلومات من أولئك الكورد الذين تم أسرهم في حرب القرم (1853-1856) وأجرى دراسات وبحوث عن اللغة الكوردية.
2- الكساندر زابا: القنصل الروسي في أرضروم (1849) تمكن عن طريق ومساعدة (ملا محمود البايزيدي) من الحصول على الكثير من المخطوطات وإرسالهم إلى بيترسبورغ من كتبه: [جامع رسالتان وحكايتان] باللغة الكوردية عام 1860 و[القاموس الكوردي الفرنسي] عام 1878 الذي تناول فيه حول الأدب الكوردي.


 

الذهاب الى اعلى الصفحة

العودة للصفحة السابقة