جون ، طفل في السابعة من عمره. ذات يوم سأل جون جدته قائلاً:"إني لا أعرف كيف
أصلّي يا جدتي، هل تعلّمينني؟".
فردّت الجدّة عليه:"إن الصلاة ليست تعليماً ولا حفظاً يا
ولدي. إنها مثل الحديث بينك وبين شخص تحبه ويحبك. إن يسوع
يحبك جداً، فهل تحبه أنت أيضاً؟".
ردّ جون في براءة الأطفال:"نعم، أحبّه جداً. إنني أرى صور
له وهو جميل جداً وعيناه حلوة جداً جداً".
قالت له جدته:"حسناً جداً، كلما أردتَ أن تصلّي، فقط قف
أمام صورته الجميلة وقل له ما تشاء وكأنك تحدث صديق لك".
قال جون:"ما زلتُ لا أعرف ماذا أقول له، وهل سيسمعني؟ وهل
سيرد عليّ؟".
في النهاية قالت له:"حسناً، ماذا لو تُلقي عليه تحية
الصباح على الأقل كل يوم؟".
فكر جون قليلاً ثم قال بفضول:"وهل سيردّ عليّ يا جدتي؟".
فردّت الجدّة بسرعة لتنهي حيرته:"نعم، ولكنه قد يتأخر
قليلاً في الردّ لأن هناك عدد كبير جداً من الناس يطلبونه
وهو لابدّ أن يجيب عليهم أيضاً". فرح جون بهذا الكلام
واقتنع به، وطفق منذ اليوم التالي مباشرة كل صباح، أول شيء
يفعله عندما يستيقظ أن ينظر إلى صورة المسيح التي في حجرته
ويقول:"صباح الخير يا بابا يسوع". ومرت السنين، وصار جون
شاباً يافعاً قوياً وهو ما زال على عادته ولم يملّ أبداً
... في كل صباح ينظر إلى الصورة ويقول:"صباح الخير يا بابا
يسوع"، لم يملّ برغم أن الصورة لم ترد عليه أبداً.
وذات يوم سافر والد جون ووالدته وإخوته فجراً لزيارة بعض
الأقارب، ولم يكن جون معهم لأنه كان نائماً وبانتظاره يوم
دراسي شاق ... وللأسف شاءت الأقدار أن تحدث لهم حادثة
مروعة وأن يتوفوا جميعاً.
ولم يصدّق جون أذنيه عندما إتصلوا به يوقظونه من النوم على
هذا الخبر المفجع، ظلّ ساكناً لبرهة، وانسالت دموعه في صمت
عاجز وهو جالس على فراشه لا يزال غير قادر على الحراك ...
وبنفس الشعور المذهل نهض ليذهب ويدفن أبويه وإخوته، وفي
طريقه إلى باب الحجرة مرّ على صورة المسيح المعلّقة على
الجدار ونظر إليها بحزن شديد وقال، والدموع تسيل من عينيه،
بصوت مبحوح:"صباح الخير يا بابا يسوع. سامحني لأني لا
أقابلك بابتسامتي اليوم، فأنا حزين جداً، لقد راح أبي
وأمي، وراح إخوتي وصرتُ وحيداً. إني لا أتخيل كيف سأعيش
وحدي في هذا المنزل، لازلتُ غضاً وأحتاج إلى مَن
يرعاني،كما إنني كنت أحبهم جداً. يا لحزني، ويا لإبتسامتك
المشجعة التي طالما سحرتني ومنحتني البهجة ...". واستمر
جون يحدّث الصورة ووجد نفسه يصلّي دون أن يقصد أو يعي أن
هذه هي الصلاة التي كان يحاول أن يتعلمها.
ولم يُفِق جون من صلاته التي يحكي فيها للمسيح عن حزنه
ومتاعبه، إلا على صوت الهاتف من جديد يرن. وبيد مرتجفة رفع
سماعة الهاتف يسأل مَن الطالب، فأجابه المتصل:"أنا طبيب
مستشفى ...، لقد ذهبنا إلى موقع الحادث لرفع الأجساد، وفي
طريق عودتنا إلى المستشفى أوقفنا رجل يرتدي زياً أبيض،
وجهه جميل المحيّا جداً وعيناه حلوة جداً جداً، سألناه مَن
هو وما هي هويته، فأجاب: إنه صديقك وإنه طبيب، وقد صعد
صديقك إلى إحدى سيارات الإسعاف التي كانت تحمل الجثث ولم
أدرِ ماذا فعل لأنني كنت خارجاً أراقب الطريق غير عابئ بما
يفعل لثقتي من وفاة الأشخاص الذين كانوا في السيارات، ولكن
أحد السائقين يكاد يقسم أنه رآه في مرآة السيارة الداخلية
وهو ينفخ في وجه الفقيد الذي يقلّه معه في سيارته، وكانت
المفاجأة، عادت الحياة لهم جميعاً وأعلنت أجهزة الفحص عن
أنهم جميعاً على قيد الحياة.
ظلّ جون عاجزاً عن الرد، مشدوهاً مما يسمع، تختلط على
ملامحه الفرحة بالذهول بالدموع. وفي النهاية سأل الطبيب
الذي يحدثه:"وهذا الغريب، ألم يقل لك ما اسمه؟".
رد الطبيب:"لا"، ولكنه قال لي أن أبلّغك رسالة واحدة عجيبة
جداً في مثل هذه الظروف. فسأله جون متحيراً:"وما هي؟".
الطبيب:"يقول لك: صباح النور يا جون".