ورود الرضــا
مي ميخائيل
الحياة عبارة عن
سيمفونية موسيقية
منوعة تتخللها ألحان
هادئة وأحيانا صاخبة،
فهي ليست على وتيرة
واحدة، فتارة تعلو
وتارة أخرى تخفت
متناغمة مع فترات
الحزن والفرح، أو
الراحة والتعب، أو
الفشل والنجاح ....
فهل يعتريك الشعور
بالرضا والقناعة، أم
تسيطر عليك حالة
التذمر والشكوى
الدائمة بسبب العائلة
أو المال أو الصحة أو
العمل أو حتى الطقس
لاسيما بعد أن زادت
موجات الغبار الكثيفة
في الآونة الأخيرة
مسببة داخل البيت
أعباء إضافية خاصة
على النساء دون
الرجال ؟.
فمجتمعاتنا الحالية يجتاحها وباء خطير
اسمه عدم الرضا،
والكثيرون غير راضون
بالمرة عن أنفسهم
وبالتالي عن غيرهم من
المحيطين فيبرعون في
التركيز على القذى في
عيون غيرهم متناسين
(عن عمد) ملاحظة
أكوام الخشب التي في
وسط عيونهم والتي
تبرز واضحة (للقاصي
والداني) مما يسبب
لهم مشاكل عظمى في
سلوكياتهم وتصرفاتهم
وعلاقاتهم المختلفة.
لكن قبل كل شيء علينا
أن نسعى لإرضاء الله
أولاً فلا ننسى إننا
جميعاً خطأة وأعوزنا
برّ الله فليس من
العسير أن نعمل ما هو
مرضي لله خلال حياتنا
على الأرض.
وقبل أكثر من ألفي سنة أظهرت السيدة
مريم العذراء الطاهرة
شعوراً حقيقياً
بالرضا لم يسبق له
مثيل بقبولها أمر
الرب بأنها ستحبل
وتلد ابناً اسمه
(عمانوئيل) رغم أنها
كانت لا تزال بعد
مخطوبة في مجتمع ظالم
وملغوم بالألسنة
الباطلة والإشاعات
المغرضة والأكاذيب
الفاسدة لكنها رغم
ذلك أطاعت ربها
للنهاية وتشجعت
بوعوده وتمسكت
بأقواله.
وإذا كنت أنت تحب الله فعليك أن تحوز
رضاه بأن تعمل بحسب
إرادته لأنه لن يخذلك
مطلقاً، فتثبت فيك
ثقة قوية متأنية من
رغبة عارمة في قبول
توجيهات الله والعمل
بها بكل قناعة، وهذه
الثقة القوية تجعلك
أيضاً تستخف
بالمستحيلات وتقف
منتظراً من الله
ليفتح بيده الرحيمة
كل البوابات المغلقة
التي لا تجرؤ أيدي
البشر على مجرد
الاقتراب منها.
إذاً ارفع رأسك أيها المؤمن وانظر إلى
الله واحمده دائماً،
نازعاً عنك روح
التمرد والتذمر
والشكوى لتحلّ محلها
روح المحبة والقوة
والنصح، لتشعر بلحظات
ثمينة من القناعة قد
تطول لتصبح حياتك
بعظائمها وصغائرها
أكثر سلاسة وسهولة.
ولنتعلم جميعاً كيف
نزرع ورود الرضا
الرائعة في وسط أشواك
هذا العالم القاسي
المشبع بالسيئات التي
لا تعد و لا تحصى.
ولنتذكر أن الرب
راعينا على الدوام
على مرّ الأيام
والأسابيع والأشهر
والأعوام سواء كنت في
العمل أو الشارع أو
البيت أو داخل العراق
أو خارجه وأينما حللت
ولننشد قائلين:"علمني
أن أعمل رضاك لأنك
أنت إلهي"
(مز 142-10).