ديوان أوقاف المسيحيين والديانات الاخرى

مجـلة صـدى النهريــن - العدد العاشر / كانون الأول 2009

                                                                                                                                     

اتصلوا بنا

أرشيف الأخبار

مجلة آفاق مندائية

مجلة صدى النهرين

رئاسة الديوان

من نحن

الرئيسية

 

الميلاد... محبة وسلام

رعد عمانوئيل توما الشماع

 

        عيد الميلاد ليس كغيره من الأعياد. إنه عيد مجيء الرب إلى أرضنا طفلآ صغيراً ليصير المخلص الكبير الذي قاد الأجيال إلى محجة ملكوت الله برفق وبطولة وقداسة. فرغم تكرار السنين وتكرار عيد الميلاد لا يزال فريداً، وليلته هي ليلة بين الليالي: إنها ليلة السلام! ... وحلولها يعطي البشرية فترة سكون وهناء وسعادة وسط صخب العمل ورعب الحروب. إن رنين أجراس الميلاد يبشر بميلاد المحبة في قلوب البشر ... إنه سر الميلاد.

        في هذا الليل نُسكت أحقادنا وحسدنا وآلامنا وبغضنا، لنفتكر بالطفل _ الإله الملقى على فراش من التبن على نَفَس الثور والحمار المنتظم، تذكاراً له نريد أن نعيش بصلح مع نفوسنا ومع الآخرين ... إنه عيد الميلاد، ونظرنا يتجه نحو مَن يعيش بالقرب منا، ونودّ أن نرى السعادة تشعّ من عيون وقلوب جميع الناس، نقدم الهدايا على مثال الرعاة قديماً. وكما فعل الله بهديّته إيّانا هذا المخلص الإله الذي ولد لأجلنا إنساناً بالفقر والبرد القارس، لأجل كل ذلك تبقى ليلة الميلاد فريدة بين الليالي ... إنها ليلة تدفعنا إلى المحبة والسلام.
إن الزينة التي تملأ بيوتنا وشوارعنا إنْ دلّت على شيء فعلى أن عالماً جديداً قد ولد مع المسيح، وإنه قد حصل الفداء. ولكن عالمنا اليوم هل هو عالم مفتدىً حقاً؟.
        إنْ كان الناس لا يتطاحنون بحرب نووية فلأنها تعني الفناء والدمار، ولكنهم يقتتلون بالمدافع وقنابل النابالم.
        أمام مغارة الميلاد نحلم بشئ آخر، بعالم آخر ... عالم جديد، أخوي، عادل، وسعيد ... عالم يبان مستحيلاً في نظر الناس، ولكن يجب أن يكون ممكناً لأن الله حلّ على أرضنا!.
        بعد ميلاد الرب يجب أن تضمحلّ الحروب والأحقاد والصواريخ عابرة القارات والمساجين والقرى والمدن الملتهبة: أنْ يستتبّ السلام في العالم! ... بعد الميلاد لا يجوز أن تبقى الخصومات والثورات التي تفكّك الأُسر والشعوب، وأن يختفي الظلم والإستبداد الذي يحوّل العائلة البشرية إلى مجموعة قطعان، فيحلّ محله الإحترام والثقة والتعاون والإتحاد ... لأنه ميلاد المحبة.
        نعم، أمام المغارة نحلم بكل ذلك، ولكن لماذا هو حلم؟... لماذا العالم هو غير ما يجب أن يكون؟ ... ألم يأتِ الله أرضنا؟... أين الميلاد إذن؟... الميلاد هو في يدنا نحن. الله أعطانا ذاته دون أن يسترجع ما أعطى ... ولكن ماذا صنعنا بهذه العطيّة؟.
        هل ننتظر أن يتغير العالم قبل أن نبدأ نحن بتبديل سيرتنا؟... أم إن الله سيفعل معجزة ويُحلّ السلام بين الشعوب دون أن نفعل نحن شيئاً. نعم، المسيح أتى ليولد عالم جديد، ولكنه لن يولد بدوننا. هذا العالم لا يكفي أن نحلم به أمام المغارة، بل يجب أن نصنعه نحن.

 



 

الذهاب الى اعلى الصفحة

العودة للصفحة السابقة