الموقع:
يقع دير مار ميخائيــل على نهر دجلـة، شمال غربي مدينـة
الموصــل، مسافة ستة كيلومترات من مركز المدينة.
التسمية: يحمل الدير اسم
مؤسّسه الذي عاش في القرن الرابع للميلاد، مار ميخائيل
رفيق الملائكة، نظراً لِمَا إتصف به من سموّ الفضيلة وعلوّ
الاخلاق. ورد اسمه في المصادر العربية بأسم نخايل، نخايال،
وبانخايال أيضاً. كان عدد رهبانه أيام التأسيس نحو 300
راهب ثم أزداد فبلغ نحو 700. وقد إشتمل الدير بالإمتياز
البطريركي والذي يعني عدم خضوع الدير لسلطة الأسقف المحلي
بل يتمتع بشخصية معنوية مستقلة ويتبع الجاثليق بشكل مباشر،
وقد حدث ذلك منذ مجمع الجاثليق إيشوعياب الأول سنة 585 م.
مدرسة الدير: اشتهرت مدرسة مار
ميخائيل بالفلسفة واللاهوت. وقد فرضت جملة من التعليمات
التي تلزم المدرّسين مراعاة حقوق تلاميذهم كما أوجبت على
التلاميذ إطاعة المدرسين طاعة الأبناء لآبائهم. ومن أشهر
علماء مدرسة مار ميخائيل: عبد يشوع بن شهاري(361هـ _ 971م)
إضافة إلى كونه شاعراً بليغاً، أما تلامذتها فأشهرهم إيليا
برشينايا الذي أصبح مطراناً على نصيبين.
مكتبة الدير: إشتمل دير مار
ميخائيل كغيره من الأديرة الشهيرة على مكتبة فيها مخطوطات
نفيسة، وقام فيه علماء وأدباء لم يُبقِ الدهر إلاعلى ذكر
النزر منهم.
مرافق الدير وما طرأ عليها من تطوير: شُيّد الدير على مساحة قدرها
4000م² تقريباً وضمّ:
1- الكنيسة والتي شغلت مساحة 170م² تقريباً، ذات جناحين
متصلين يؤدي إليهما مدخلان خارجيان. فيها ثلاثة أقواس
كبيرة من (الفرش) المرمر المحلي بين المذبحين بينما يقابل
القوسان الآخران مذبحين وإلى الجهة اليمنى من الجناح الأول
ضريح القديس مار ميخائيل.
2- قبو الرهبان بمساحة تقريبية مقدارها 150م² يحوي عشرة
غرف، خمسة على كل جهة.
3- الفناء الداخلي بمساحة مقدارها 500م² يحيط به ومن
جوانبه الأربعة غرف متعددة تتخللها ستة أواوين.
4- الفناء الخارجي للدير بمساحة تقريبية قدرها 2000م² محاط
بسياج مرتفع من الحجر والجص وفيه بابان رئيسيان، أحدهما
إلى الجهة الشرقية القريبة من الزاوية الجنوبية والآخر إلى
الجهة الجنوبية.وعلى الجهة الشرقية من الفناء الخارجي، وفي
المنطقة المجاورة للجدار الخارجي للكنيسة من جهة المذابح
غرفتان بإيوان تؤدي إحداهما إلى قبو الرهبان وكأنها المدخل
الرئيسي للقبو، هذا إضافة إلى غرفتين أخريتين مجاورتين
لهما.
أما الطابق الأول الذي يؤدى إليه بواسطة ثلاثة سلالم مشيدة
بالحجر والجص، اثنان منهما يصعد إليهما من داخل الفناء
الداخلي، والآخر خارجي يقع إلى الجهة الشرقية من الفناء
الخارجي في المنطقة المجاورة لجدار الكنيسة الخارجي من جهة
المذابح. يحتوي هذا الطابق على سبع غرف، اثنان منهما
يتوسطهما أبواب واثنتان منهما متداخلتان مع بعضهما، مادة
بنائه الحجر والجص.
أما التطويرات والترميمات التي أجريت
على الدير سنة 1987 فقد شملت مساحة الدير إذ توسعت لتبلغ
12000م² تقريباً، مع إجراء ترميمات داخل الكنيسة منها: قلع
الأرضيات القديمة وتطبيقها بالمرمر المحلي، وقشط البياض
القديم للجدران والسقوف والقباب ومعالجة الرطوبة الموجودة
فيها بمشبكات فولاذية. وتغليف جدران الكنيسة من الداخل
وإلى ارتفاع 1.30م بالمرمر المحلي، والعمل على بياض الجزء
المتبقي من الجدران والسقوف والقباب بالجص. مع ترميم قبو
الرهبان وقلع الأرضيات القديمة فيه وتطبيقها بالمرمر
المحلي، وقشط البياض القديم للجدران والسقوف والقباب
ومعالجة الشقوق الموجودة بالجدران الداخلية للغرف والسقوف،
والاهتمام بالجدار الشرقي للدير بعد أن تعرض إلى هبوط نسبي
للأسس القديمة. كان الدير منذ أواخر القرن الماضي مصيفاً
لتلاميذ معهد مار يوحنا الحبيب في الموصل.
الدير في قصائد الشعراء: قصد البعض من
الشعراء دير مار ميخائل ووصفوا روعته بأشعارهم، ومما قيل
فيه على لسان الأخوة أبي بكر وأبي عثمان المشهورين باسم
الخالديين:
ببامخــايل إنْ حاولتمــا طلبي فأنتما تجدانــي ثم مطروحـا
يا صاحبي هذا العمر الذي جُمعت فيه المنى فاعدوا للدير
أوروحا
بـر وبحر به يهدي نسميهما للروح مسكا بماء الورد منفوحا
يجر صيادهُ الشبوط مضطرباً حّيا وقاضي اليعفور مذبوحــا
ولهم فيه أيضاً:
بحمرةِ وجهٍ لذاك الهــلال وفترة مقلـــةِ ذاك الغـزالِ
صلِ اليوم بالأمس إني أرى له بالسعـود وجوه اتصــال
هواء صفــا، وهوى مثله كخمــر دلال ومـــاء زلال
وغيم توهمــه كالنــدى وصحــو حقيقته كالمحــال
ومثل اليواقيت زهر الربـى وقطـر الندى بينهــا كاللآلئ
إذا مادنت شمسه للذبــول أشرق نــواره كالذبـــمال
وصفــراء بائعها خـاسر ولو حاز عن قـدح بيت مــال
أيا أبا مخايال أفدي ثــراك بنفسي، ومالي، وعمي، وخالي
فكم سكــرة لي قبل الأذان بين دواليبه والدوالـــــال
وذا الديـر تسعى بغزلانـه شعانينـه في صنوف الجــي
تجــول خيــول دواليبها فتمـلأ ماورد ذاك الجمـــال
المصادر:
1- الخالديين، ديوان الخالديين.
2-إسطيفان بابكا، أبريشية حدياب في التاريخ.
3- يوسف حبي، دير مار ميخائيل.
4- سليمان الصائغ، تاريخ الموصل،ج2.
5- البير أبونا، تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية من مجئ
الإسلام حتى نهاية العصر العباسي، ج2.
6- روفائيل بابو اسحق، مدارس العراق قبل الإسلام.