اتصلوا بنا

أرشيف الأخبار

مجلة آفاق مندائية

مجلة صدى النهرين

رئاسة الديوان

من نحن

الرئيسيـة

                                                                  خواطر وكتابات عامة                                                  

 

القضية الأرمنية

ستيف هلال

 

   22 نيسان 2015

   بمناسبة مئوية الأبادة الأرمنية الجماعية على يد الأتراك 1915 – 2015

   دفن الارمن في مقابر جماعية عراة تحت التراب دون شاهد قبر وبدون اسم ولا صليب

   يصادف هذا العام 2015 الذكرى المئوية الأولى للمجازر االتي ارتكبت بحق والتي بدأت في 24 نيسان 1915 بأعتقال 600 من ابرز الشخصيات الأرمنية من السياسيين والمثقفين والنخب الارمنية في اسطنبول على يد السلطات العثمانية وتصفيتهم جسدياً على بكرة ابيهم، كما قامت السلطات نفسها بتسريح كل الجنود من أصل أرمني الذين يخدمون في الجيش العثماني وارسالهم إلى الاعمال الشاقة ومن ثم قتلهم جميعآ دون رآفة او رحمة. ولم يكتف العثمانيون بذلك، بل قاموا بالتزامن مع هذه الاجراءت القمعية بتوجيه انذار الى ابناء الطائفة الارمنية الذين يعيشون في منطقة الاناضول الشرقية مطالبين اياهم بضرورة مغادرة منازلهم خلال 24 ساعة وإلا تعرضوا للقتل، وعندما خرج هؤلاء من قراهم تمت تصفية كل الرجال وسُمح للنساء والاطفال والشيوخ بالهرب سيراً على الاقدام مسافة مئات الكيلومترات من دون غذاء أو دواء، وفي الطريق اغتصب الجيش العثماني النساء وقتل الاطفال الابرياء ونكّل بالشيوخ وقُتل معظمم المغادرين بشكل أو بآخر في جريمة بربرية ووحشية منهجية ومنظمة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً. وان هذه الاعمال الهمجية المتواصلة ادت خلال عام أو أكثر بقليل الى قتل ما لا يقل عن حوالي مليون ونصف مليون أرمني أي نصف عدد سكان الأرمن في ظل الامبراطورية العثمانية في ابشع جريمة تعرفها البشرية ويعرفها التاريخ المعاصر. ورغم تأكيدات المصادر التاريخية للقتل المتعمد والمنهجي للسكان الأرمن من قبل الجيش العثماني خلال وبعد الحرب العالمية الأولى، وبالرغم من كل الوقائع الدامغة والتاريخية لا تزال تركيا الدولة التي خلفت الإمبراطورية العثمانية تنفي وقوع المجازر التي تؤكدها الأمم المتحدة، وهي تحاول التقليل من عدد الضحايا إذ لم تعترف بأكثر من 300 ألف قتيل كنتيجة لانتشار الأوبئة خلال فترة الحرب، مبررين ان الترحيل القسري كان لمنع انتشار الامراض والاوبئة، خلافاً لشهادات العديد من الناجين من المجازر وكذلك لشهادات العديد من الدبلوماسيين الأوروبيين والاجانب الذين حملوا الامبراطورية العثمانية المسؤولية واتهموها بتدبير العملية عن سابق اصرار وتصميم، علما ان المجزرة الأرمنية ترافقت مع مجازر وترحيل قسري بحق السريان والآشوريين والكلدان، واليونانيين القاطنين في الأناضول، حيث تباهت الصحف المحلية العثمانية يومها وعلى صفحاتها بقتل ‘الكفار’اي المسيحيون.

   لقد أثبت الشعب الأرمني إصراراً عنيداً بعدم التخلي عن حقوقه، فقد حول المجزرة المنسية على يد العثمانيين لعنوان أنساني عالمي لا يمكن تجاهله، ففي كل مكان تتواجد فيه جالية أرمنية عملت هذه الجاليات بنجاح لدفع الدول المضيفة للاعتراف بالمجزرة, ومنها على سبيل المثال لا الحصر عدد كبير من الدول الأوروبية والبرلمان الأوروبي وكندا والمنظمات الدولية ومنظمات حقوق الانسان، وهذا ما ادى الى اعتراف اكثر من عشرين دولة رسميا بمذابح الارمن وبالاقرار بأنها إبادة جماعية، وهذا ما أقر به ايضاً معظم علماء الإبادة الجماعية والمؤرخين والذين يقبلون بهذا الرأي. ومن المعترف به على نطاق واسع ان مذابح الأرمن تعتبر من الجرائم الجماعية الأولى في التاريخ الحديث والباحثين يشيرون في كتاباتهم الى ذلك وإلى الطريقة المنهجية المنظمة التي نفذت للقضاء على الأرمن وابادتهم من الوجود. فالدولة العثمانية خططت لقتل الأطفال من اجل افناء الشعب الأرمني برمته وهذا ما عرف بعد الحرب العالمية الثانية بحرب الإبادة أيGENOCIDE ، هذه الابادة دفعت بآلاف الأرمن الناجين إلى الهروب من أرمينيا في اتجاه مختلف انحاء العالم، وقد تضاعفت هذه الهجرة عبر الساحل السوري في اتجاه لبنان. كما وهاجروا الى سوريا و الى العراق و تحديدا الى الموصل والى ايران و قسم منهم انطلقوا نحو جورجيا و روسيا او الى دول اوروبا وابرزها ايطاليا وفرنسا والى الامريكيتين حيث اندمج الأرمن في المجتمعات التي وصلوا اليها وباتوا جزءاً من نسيج تلك الأوطان على كل المستويات.

   عاش الارمن سنوات الشتات الصعبة إلا انهم استطاعوا تكوين جاليات كبيرة، حافظت على علاقاتهم الاجتماعية وطقوسهم وتاريخهم الأرمني حتى استطاعوا تكوين دولتهم فيما بعد، ونالت أرمينيا استقلالها عن الاتحاد السوفياتي السابق عام 1991، ولا تزال الذاكرة القومية تشحن الإيمان بالقضية الأرمنية، وتدفع الشعب الأرمني في الوطن والمهجر إلى طرح قضيته على كافة المستويات، من خلال وسائل سلمية مختلفة مثل: تنظيم التظاهرات الشعبية في عالم الشتات، تشكيل لجان الدفاع عن القضية الأرمنية، الاتصال بالمحافل والمؤسسات الدولية. عقد المؤتمرات الخاصة بذلك و تعريف مختلف الاجناس على حقيقة الابادة ، و احياء ذكرى الابادة سنويا من أهم ما يجعل القضية الارمنية لامعة في التاريخ وصوت مدوي ذو رجاء كبير لا ينقطع ولو نادى في البرية.

   في الذكرى المئوية الاولى للجريمة الكبرى, وعشية عيد الميلاد لدى الطوائف الارمنية الارثوذكسية، لا بد من اصدار قوانين دولية تلزم جميع الدول ولا سيما الدول الكبرى بالتدخل لوقف المجازر بحق الشعوب والاقليات المستضعفة ومحاسبة مرتكبيها بصرف النظر عن المصالح التي تتذرع بها العديد من هذه الدول للسكوت عن المجازر، وكان آخرها ما حصل ويحصل في العراق وخصوصا سهل نينوى وسوريا وليبيا ضد الاقليات المسيحية والايزدية ، ( التاريخ يعيد نفسه ) لان الأولوية يجب ان تكون للمصلحة الإنسانية الشاملة. ويطالب الأرمن الدول الكبرى التي تدعي الحرص على الديمقراطية وحقوق الانسان ان يدينوا المجازر والجرائم المرتكبة بحق الإنسان قديمها وحديثها وخصوصاً تلك الجرائم التي حصلت بحق الارمن.

   وفي الذكرى المئوية الأولى للابادة يطالب الأرمن جميع أحرار العالم بممارسة الضغوط على تركيا، لانه كلما ازدادت حملات الادانة ازدادت ضغوط الدول الأوروبية على الدولة التي خلفت الامبراطورية العثمانية والساعية للدخول إلى المجموعة الأوروبية للاعتراف بالابادة الجماعية للارمن، والاعتذارمن الشعب الارمني، والتصالح مع ماضيها لضمان عدم تكرار مثل هذه المجازر في المستقبل.

 التباين بين الروايتين الأرمنية والتركية عن أحداث 1915

   تتباين الروايتان التركية والأرمنية بشأن ما تعرض له الأرمن خلال الحرب العالمية الأولى. وبينما يصر الأرمن على أنهم كانوا ضحية إبادة جماعية في عهد الامبراطورية العثمانية تقول أنقرة إن ما حدث كان نتيجة الاضطرابات التي أعقبت الغزو الروسي لشرق البلاد. او لمنع انتشار بعض الامراض الوبائية نتيجة الحروب ومختلف الاكاذيب الملفقة الاخرى

   الإبادة الجماعية الأرمنية:

   وتسمى أيضا المحرقة الأرمنية ويطلق عليها الأرمن تسمية “Metz Yeghern” والتي تعني الجريمة العظمى. يُقصد بالإبادة الأرمنية عمليات القتل والتدمير المنظم التي مارستها السلطات العثمانية بحق السكان الأرمن في الإمبراطورية أثناء وبعد الحرب العالمية الأولى، حيث تعرض الأرمن خلال تلك العمليات إلى مختلف أنواع التعذيب من ترحيل قسري وتجويع وبطش مع نوع من التعليمات التي كانت تهدف إلى القضاء عليهم خلال الترحيل التي كانت وجهتها النهائية الصحراء السورية حيث ينتظرهم الموت جوعا وعطشا.

   هكذا حدث، هذا ما حدث.. لمحة تاريخية موجزة عن الإبادة الجماعية الأرمنية

   في عهد السلطان عبد الحميد الثاني في البداية، ثم في ظل حكومة “تركيا الفتاة”، وأخيراً تحت حكم الباشوات الثلاثي جمال، أنور وطلعت. حيث استهدفت الدولة العثمانية الأرمن لأنهم كانوا مسيحيين ومتعلمين ومثقفين من الطبقة الوسطى. في عام 1915 تم إجبارهم على إغلاق مدارسهم وكنائسهم ومنظماتهم. وفي ذلك العام كانوا يُلاحَقون ويُقتَلون ويُغتصَبون ويُجبَرون على تحمل كل أنواع العنف والإذلال. وأعقب ذلك عمليات الترحيل إلى الصحراء والدفن الجماعي وإشعال النيران في القطارات التي تحمل اللاجئين الفارين. تمكن بعض الناجين من الوصول إلى أرمينيا وسوريا ولبنان والعراق.

   قبل الحرب العالمية الأولى:

   خرجت روسيا منتصرة من الحرب ضد تركيا سنة 1878. في 19 شباط إنعقدت معاهدة سان ستيفانو بين الطرفين. طلب المؤتمر من تركيا إجراء الاصلاحات اللازمة في الولايات الأرمنية. لكن، وبعد ضغوط الانكليز الذين تسلموا إدارة جزيرة قبرص بعض مفاوضات سرية مع الأتراك، تم عقد مؤتمر آخر في برلين استبدل خلاله البند 16، المتعلق بالإصلاحات الأرمنية ، بالبند 61، الذي أعاد منطقة غارين (المعروفة اليوم تحت إسم إرضروم) إلى تركيا، وولايات غارس وأرضاهان إلى روسيا. أبقى البند تركيا راضية بحذف كلمة أرمينيا من البند السابق؛ لم تعد تركيا مجبرة على القيام بالإصلاحات. وبالفعل، وبعد سنتين، راحت السلطات التركية تمنع استخدام كلمة أرمينيا في الوثائق الرسمية. وفي سنة 1844، إنتفض الأرمن في منطقة زيتون ضد الضرائب التركية الخيالية. ثم قامت الحكومة التركية بتقسيم أرمينيا الغربية إلى ولايات وهي: إرضروم، خاربوت، ديار بكر( واسمها ديكراناكيرد نسبة الى الملك ديكران الذي انشأها ) ، درسيم، تيفليس، فان، هيكياري، وسيواس (سيباسديا). وفي سنة 1888 أغلقت السلطات التركية الصحف والجرائد الأرمنية في إسطنبول والولايات الأرمنية. وردا على هذه الإجراءات قام الأرمن في منطقة كوم كابو في 15 حزيران سنة 1890 بمظاهرة سلمية انتهت في الدماء. وحل السلطان عبد الحميد الثاني، الملقب بالسلطان الأحمر، المجلس الوطني الأرمني والبرلمان في اسطنبول، الذي كان يضم عددا من النواب الأرمن.

   وبين 20 و 27 آب من العام 1894، وقعت مجازر كيلي غوزان في صاصون، حيث قتل الأتراك كل الأرمن الأبرياء والجردين من السلاح… وقد أرغم الجيش التركي تلسكان الأرمن على مغادرة منطقة أنطاكيا نحو الغابات والوديان، ثم أحرقت هذه الغابات المكتظة بالأرمن. وكانت الحصيلة النهائية لهذه المذابح مقتل 10 آلاف أرمني وتدمير 74 قرية أرمنية في صاصون. من هنا، اندلعت الثورة الأرمنية وحذرت القوى العظمى (فرنسا وروسيا وبريطانيا) السلطان الأحمر على ما يحصل في الولايات الأرمنية وذكرته بالإصلاحات اللازمة.

   وفي شهر أيلول، تظاهر الأرمن أمام الباب العالي في إسطنبول، إلا أن هذه المظاهرة أيضا انتهت في الدماء حيث قتل ألفي أرمني. وتواصلت الإحتجاجات من قبل الدول الكبرى مطالبة بالإصلاحات. لكن وعود السلطان بقيت حبرا على ورق.

   وفي 16 تشرين الأول من العام 1895 شن الجيش التركي هجوما على منطقة أورفا في يتيسيا، ورغم المقاومة العنيفة التي اصطدمت به، تمكن الجيش من ذبح حوالي 10 آلاف أرمني. وفي اليوم ذاته ذبح حوالي خمسة آلاف أرمني في شابين كاراهيسار. وتكرر المشهد ذاته في 21 تشىين الأول في منطقة أرزينغان في ولاية ارضروم، وفي 25 تشرين الأول في بتليس.

   وفي 16 آذار سنة 1897 أكد تقرير القنصلية البريطانية على مجازر أورفة وحلب التي نفذتها الفرق الحميدية في 27-28 تشرين الأول سنة 1895. وأىسلت القنصلية الفرنسية رسالة إلى السفارة الفرنسية في إسطنبول، حيث ترجح عدد القتلى الذين وقعوا في دياربكير إلى خمسة آلاف. لكن في الحقيقة كان العدد قد وصل إلى 30 ألفا مع تدمير 119 قرية.

   وفي 10 تشرين الثاني، واصلت القوات الحميدية (وهم مجموعة من الاكراد جندتهم تركيا للبطش بالأرمن لأسباب دينية ) هجماتها المتكررة على مدينة فان في ولاية فان، هذا بالإضافة إلى تدمير مدينة عينتاب ومقتل حوالي 1500 أرمني في 15-17 تشرين الثاني.

   وفي 18 تشرين الثاني، وقعت مجازر مرعش. أما في نوردوز، هايوتس تسور، غافاش، كارشيفان فسقط الأم السيف أو حرقا. وفي 28 كانون الأول، ذبح حوالي 8000 أرمني في أورفة. ومرة جديدة أكدت القنصلية البريطانية والفرنسية عدد القتلى.

   وهكذا بلغ مجموع ضحايا سنة 1895 إلى 300.000 دون ذكر هؤلاء الذين أجبروا على التتريك أو الهجرة القصرية والذين يصل عددهم إلى 250.000.

   وفي 26 أغسطس/آب سنة 1897، هاجم عدد من فدائيي حزب الطاشناق البنك العثماني، وكان الهدف من وراء هذه العملية لفت انتباه القوى العظمى في أوروبا على وضع الأرمن المأساوي. وبعد تحقيق الهدف وبتدخل مباشر من السفير الروسي، غادر المقاتلون مراكزهم وتم نقلهم إلى فرنسا. لكن أغضبت هذه العملية السلطات التركية التي انتهت فيما بعد بقتل 7000 أرمني في إسطنبول.

   وفي آب سنة 1900، وفي ساعة متأخرة من الليل، قام الأتراك بهجوم مفاجئ على منطقة سبافاناك في ولاية صاصون. وإندلعت إشتباكات عنيفة بين الأرمن والأتراك في أضنة (كيليكيا) وفي مناطق مجاورة، حاول خلالها الأتراك قمع الثورة الأرمنية لكن باءت محاولاتهم بالفشل.

   وفي تموز سنة 1908، بدأت جمعية الإتحاد والترقي تحركاتها العسكرية ضدّ السلطات في تسالونيك (اليونان). وبدأ نوع من التعاون بين هؤلاء والأرمن والأقليات.

  وفي 24 تموز، تمّ إعلان الدستور العثماني. لكن وكالعادة، بقي التركي على طبعه. ففي 10 نيسان من سنة 1909 تمّ ذبح 30.000 أرمني في أضنة وفي طرسوس وفي مناطق أخرى في كيليكيا. تبنى الجيش التركي الذي كان آنذاك تحت تصرف جمعية الإتحاد والترقي، لكن إحتفظ المجتمع الأرمني في إسطنبول على علاقته مع الجمعية معتبرا ما حصل حادثا مؤسفا.

   وفي سنة 1913 ترأس الثلاثي أنور باشا وطلعت باشا وجمال باشا الدولة التركية، تحت الضغوط المتواصلة من قبل روسيا وبريطانيا، وقعت تركيا في 8 شباط سنة 1914 على مشروع الإصلاح الأرمني ووافقت على اتخاذ التدابير اللازمة لتحسين أوضاع السكان. وتمّ تعيين عدد من ممثلي الدول الأوروبية للإشراف على تطبيق المشروع في الولايات الأرمنية. لكن سرعان ما تمّ استبعادهم من قبل الدولة التركية.

   الحرب العالمية الأولى:

   ترجح البطريركية الأرمنية في إسطنبول، عدد الأرمن الساكنين في تركيا بـ 2.100.000 نسمة. في تموز سنة 1914، إندلعت الحرب العالمية الأولى وحافظ الأرمن على حيادهم حرصا على مبدأ عدم الخيانة للإمبراطورية العثمانية، وتجنبا للقتال مع أخوانهم الساكنين في أرمينيا الروسية المنضمين إلى الجيش الروسي. ولكن، وبالرغم من هذه الحيادية، فقد تحول وجود بعض الأرمن في الجيش الروسي إلى ذريعة كبيرة عند الأتراك لما سيفعلونه لاحقا للقضاء على الشعب الأرمني.

   في كانون الأول سنة 1915، تلقى أنور باشا خسارة فادحة في معركته ضد الروس على حدود ساريكاميش. وقد شكلت هذه الخسارة فشلا كبيرا للأحلام الطورانية، وكالعادة حمّلت السلطات التركية الأرمن مسؤلية ما حصل. هكذا تمّ جمع الشبان الأرمن في فرق عسكرية تركية، وتحت ذريعة عدم قيامهم بواجبهم الوطني قُتلوا أو تم إستخدامهم كأهداف للرماية.

   ويصف ترنسكي (عضو المجلس القومي الروسي) في تقريره، حالة المهجرين الأرمن ويذكر أن مع الهجمات التركية، كانت الصفوف الأرمنية المهجرة تزداد أكثر فأكثر، مضيفا أن ما حصل لم يكن هروبا من الحرب، بل ترحيلا قسريا لشعب بأكمله.

   في شباط من سنة 1915، عقد وزير الحرب أنور باشا إجتماعا سريا مع 75 من أهم القادة الاتحاديين. كان الهدف من وراء هذا الاجتماع وضع الخطة النهائية للإبادة الأرمنية. وتشير الدلائل إلى أنه تم اتخاذ القرار قبل بضعة سنوات.

   في شهر نيسان بدأ ترحيل الأرمن في زيتون. واستغل الجيش وجود بعض المقاومين الأرمن ليجتاح المنطقة ويعيد السيطرة عليها. وهنا تجدر الإشارة إلى أن زيتون كانت تنعم إلى حينه باستقلال ذاتي.

   وأمر الثلاثي التركي (المؤلف من أنور وجمال وطلعت) جميع الحكومات المحلية بتنفيذ الإبادة الأرمنية.

   في 15 نيسان، هجم الجيش التركي على منطقة فان، بينما كان الأرمن يهربون نحو الشمال تحت حماية القوات الروسية. فتم ذبح حوالي 24000 أرمني وتدمير نحو 80 قرية، بعدما اتهموا بالتعامل مع العدو الروسي.

   وفي هذه المرحلة، دفع وصول أخبار المجازر وما يحصل في الولايات، الأرمن إلى اتخاذ تدابير احترازية ومراكز للمقاومة. ومرة جديدة استخدمت السلطات هذه الظاهرة كذريعة على ما كانت ستفعله لاحقا وتتهم الأرمن بالخيانة.

   في 24 نيسان 1915، تم اعتقال اهم القادة الوطنيين الأرمن في اسطنبول ويصل عددهم إلى 800 من حزبيين وأطباء ونواب ورجال فكر ورجال دين واعدامهم إما شنقا أو من خلال قطع الرؤوس أو رميا بالرصاص. طبع ذلك اليوم ذاكرة الأرمن وأمسى تاريخا لإحياء ذكرى الإبادة الجماعية التي تعرضوا لها.

   ووقعت ولاية أرضروم بدورها ضحية السيف التركي وتم ترحيل جميع الأرمن في المنطقة. وفي شهر أيار صدر قانون مصادرة كل الأملاك والأراضي التي تخلى عنها الأرمن هربا من ظروف الحرب.

   وفي 24 أيار، حذرت كل من بريطانيا وروسيا وفرنسا السلطات التركية وبشكل علني من كل ما يحصل، وحملت القادة الأتراك المسؤولية شخصيا. هذه كانت المرة الأولى التي تنبه فيها القوى العظمى الدولة التركية بأن الإجراءات المتخذة بحق الأرمن تشكل جريمة ضد الإنسانية.

   وظلت المجازر والبشاعة موجودة حتى داخل صفوف الجيش حيث قتل 12000 جندي أرمني في ولاية دياربكر. وتم استكمال سلسلة الترحيل وإخلاء منطقتي خاربوت وطرابزون من سكانها الأرمن. ولا تزال صور الوثائق التي تنص على الأمر بترحيل الأرمن موجودة في أرشيف الولايات المتحدة الأمريكية.

   في تموز بدأت مجازر موش وصاصون وتيبليس. وفي الوقت ذاته انتفض أهالي جبل موسى للدفاع عن انفسهم. وقد ألف فرانتز ويرفل كتابا تحت عنوان “أربعون يوما في موسى داغ” حيث يصف المعارك البطولية في جبل موسى. وفي 28 تموز بدأ ترحيل سكان عينتاب وكيليكس.

   وردا على سؤال الى اللورد جيمس برايس حول المجازر المرتكبة ضد الأرمن، قال رئيس المجلس العسكري البريطاني، إنه استنادا إلى المعلومات الواردة من وزارة الخارجية البريطانية ازداد عدد الجرائم في تركيا وإن ما يحصل هو ترحيل قسري وإبادة شعب بأكمله.

   وفي 15 أيلول 1915، ذكّر وزير الداخلية طلعت باشا ولاية حلب بأوامر ترحيل ومحو الأرمن من الوجود. ولاتزال النسخة الأصلية لهذه الأوامر موجودة في كتاب “مذكرات نعيم بيك” لأرام أندونيان.

   ولم تهدأ التحركات الشعبية الواسعة النطاق في كل أحياء أوروبا. فرافقت هذه التحركيات بيانات شعبية عديدة حمّلت الأتراك المسؤولية المباشرة عما ارتكب ضد الأرمن من مجازر وترحيل، ووعدت الأرمن بالعدالة والتعويضات المادية. وفي تشرين الأول سنة 1915 أعلن اللورد جيمس برايس أن الوقت قد حان ليضع العالم حدا لهذه البشاعة، وأضاف أن وصول عدد الضحايا إلى 800,000 حتى يومه لشيء معيب.

   وفي كانون الأول من سنة 1915، حذر طلعت باشا كل هؤلاء الذين تعاطفوا مع أيتام الأرمن وأمرهم بارسالهم مع القوافل، نحو الصحارى والإبقاء فقط على الأيتام الصغار الذين لن يتذكروا المجازر.

   في بداية عام 1916 طلب النائب الألماني الإشتراكي ليبناخت من حكومته منع تركيا، حليفة ألمانيا، من مزيد من الفظاعات ضدّ الشعب الأرمني.

   وفي 9 شباط طلب البرلمان الأمريكي من رئيس الجمهورية، تحديد يوم يمد فيه الأمريكيون – كل سنة – يد العون والمساعدة لكل الأرمن الذين أجبروا على مغادرة بيوتهم. وحينها حدد الرئيس الأمريكي وودرو ويلسن يومي 21 و22 آب لهذه الغاية.

   وفي عام 1917 أعلن الرئيس الأمريكي رغبته في تأمين الحق والفرصة للشعوب التي كانت تعيش تحت حكم السلطة العثمانية ، لتقرير مصيرها بيدها بعيدا عن الظلم والاضطهاد والمذابح.

   في آذار سنة 1918 تم توقيع معاهدة بريست ليتوفسك بين روسيا وتركيا. وقد احتل الأتراك المقاطعات الأرمنية الروسية، متسببين بمقتل المزيد من الأرمن.

   في 28 أيار سنة 1918 وعلى حدود القوقاز، الحقت القوات الأرمنية هزيمة فادحة بالجيش التركي حيث توقف إجتياح العدو (معارك سارداراباد، غاراكيليكس، باش أباران). وبعد هذا الانتصار الكبير، أعلن المجلس الوطني الأرمني استقلال دولة أرمينيا. وكانت الدولة الأرمنية الحديثة تضم المقاطعات التي كانت تحت سيطرة الروس وهي تقع في شرق تركيا حالياُ.

   وفي أواسط شهر تشرين الأول، قدم أدوارد ليتل (وهو عضو في الكونغرس الأمريكي) تقريرا إلى الكونغرس يذكر فيه أن للشعب الأرمني الحق في أن يكون حرا ومستقلا، وأن يكون له منفذا على البحر وأن يكون سيد الحضارة المسيحية.

   بعد الحرب العالمية الأولى:

   وضعت معاهدة مودروس حدا للحرب بين الحلفاء وتركيا ويقدر عدد الضحايا الذين سقطوا خلال المذابح بمليون ونصف المليون. وفي 12 تشرين الثاني، إعترفت تركيا بالجمهورية الأرمنية، وفي السنة التالية أعادت تركيا ولايات غارس وأرضاهان إلى الأرمن، لكن هذه الخطوة لم تكن إلا خطوة مؤقتة. وفي 13 تشرين الثاني 1918 كان للورد جيمس برايس موقفا حاسما حيث صرح:

   " كما تعلمون، أيها السادة، أن الحكومة التركية الحالية كانت تحتضن شعبا تعرض إلى مذابح مروعة في سنة 1915. ومن يرغب في معرفة المزيد، بإمكانه قراءة الكتاب الأزرق (Blue Book) لوزير خارجية بريطانية الصادر عام 1916، حيث يجد التفاصيل الرهيبة حول تلك المجازر. ولا يعتبر طلعت باشا، وهو مؤسس جمعية الاتحاد والترقي، المسؤول الوحيد عنها، بل هناك آخرون في مراكز السلطة التركية الحالية.

   هكذا إذا، تم تخطيط وتنفيذ أول وأكبر جريمة ضدّ الإنسانية في تاريخ البشرية الحديث. وقد استغلت تركيا الظروف الدولية المتشنجة، خاصة اندلاع الحرب العالمية الأولى، لتنفيذ مخططاتها الجهنمية. لكن، وكما ورد، صمد الشعب الأرمني بفضل إرادته الصلبة وشغفه للعيش والاستمرار، رغم الخسارة البشرية الفادحة التي تلقتها. واليوم، وبعد مرور قرابة القرن على تلك الجريمة الكبرى، لا يزال المجرم ينكر فعلته الشنيعة ولا يعترف بحقوق الشعب الأرمني. بل وأكثر، يحاول جاهدا طمس الحقيقة وتزوير التاريخ أمام الرأي العام الدولي. لكن تبقى الحقيقة ساطعة مهما اعتراها غبار الزمن. المصدر: http://www.khabararmani.com/?p=1006

   موقف الفاتيكان من القضية الأرمنية:

   أعلن الفاتيكان الثلاثاء 27/1/2015 أن البابا فرانسيس سوف يرأس قداسا خاصا للأرمن فى كاتدرائية القديس بطرس يوم 12 أبريل/نيسان المقبل، وسوف يتزامن القداس مع الذكرى المئوية لحدوث مذابح الأرمن. وتشير التقديرات إلى أن قرابة مليون ونصف مليون من الأرمن قتلوا خلال مذابح ارتكبتها القوات العثمانية التركية خلال الحرب العالمية الأولى، وتعتبر مذابح الأرمن من القضايا الشائكة فى تركيا التى ترفض تصنيف أعمال القتل باعتبارها إبادة عرقية. وخلال لقائه مع بطريرك الأرمن الكاثوليك نيرسيس بيدروس التاسع عشر بالفاتيكان فى يونيو عام 2013، وصف البابا فرانسيس المذابح التى وقعت عام 1915 بأنها “أول إبادة عرقية فى القرن العشرين”. ودفعت هذه التصريحات الحكومة التركية إلى تقديم شكوى رسمية.هذا و أن يريفان تتأهب لإحياء الذكرى المئوية الأولى للإبادة الجماعية هذا العام والتي سيشارك فيها لأول مرة روساء وزعماء عشرات الدول الأجنبية وخاصة تلك التي اقرت هذه الحقيقة التاريخية، وقد تأكد حضور الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند ومحتمل البابا فرنسيس.

   وقد اقيم القداس في يوم الاحد الجديد – احد الرحمة المصادف 12/4/2015 بترأس البابا فرنسيسرو بحضور رئيس جمهورية ارمينيا سيرج ساركيسيان و بطريرك عموم الارمن الكاثوليكوس كاريكين الثاني و بطريك الأرمن الكاثوليك نيرسيس بيدروس التاسع عشر و وفود عالية و رفيعة المستوى دينية و سياسية من ارمينيا و بعض الدول المساندة للقضية الارمنية و قد اعلن البابا فرنسيس فيه ان الابادة الارمنية هي اول ابادة جماعية في القرن العشرين مما تسبب من استياء تركيا منتلك التصريحات واستدعاء سفير الفاتيكان لديها للتشاور معه بخصوص الموضوع و استدعاء سفيرها لدى الفاتيكان ايضا وقد اوضحت الفاتيكان في احدى تصريحاتها بانها ستقوم بنشر بعض الوثائق السرية والمحفوظة في ارشيفها تثبت قيام المذبحة ضد الارمن من قبل الأتراك لأثبات تلك الوقائع والحقائق التاريخية الشنيعة التي ارتكبتها الدولة العثمانية ضد الشعب الأرمني.

   تؤكد الوثائق التاريخية التي صدرت حديثاً التزام الكرسي الرسولي في مساعدة الشعب الأرمني في الوقت الذي لم يقف إلى جانبهم أحد. و أكدت المجلة اليسوعية الإيطالية 'الحضارة الكاثوليكية' (La Civiltà Cattolica) أن الوثائق المنشورة حديثاً تثبت أن الكرسي الرسولي كان ملتزماً بشدة في مواجهة قضية الإبادة الجماعية للأرمن. كان بندكتوس الخامس عشر الحاكم الوحيد أو الزعيم الديني الوحيد الذي رفع صوته احتجاجاً على هذه "الجريمة الكبيرة" . يُعتقَد أن هذه المذابح بدأت في 24 نيسان عام 1915 مع مذبحة الأرمن في اسطنبول. إلّا أن عمليات القتل كانت قد بدأت قبل ذلك بالفعل، عندما كان جزء كبير من المنطقة لا يزال يخضع للحكم العثماني. ففي 27 آذار عام 1896 وجه الأب الفرنسيسكاني دومينيكو ويرسون الذي كان يعمل كمبشّر في مدينة حلب رسالة روى فيها مذبحة المسيحيين في ماراساك و المناطق المجاورة. معظم الوثائق في السلسلة التي نشرت حديثاً هي من أرشيف مجمع الكنائس الشرقية. و تم نشرها في سلسلة من أربعة كتب من قبل الكاهن اليسوعي الأب جورج هنري رويسن. يعود تاريخ وثائق "المسألة الأرمنية" إلى نهاية القرن التاسع عشر و النصف الأول من القرن العشرين. و تتضمن رسائل من الباباوات و السلاطين العثمانيين و برقيات من أمناء الفاتيكان و الولاة، و وثائق و تقارير من قبل المندوبين الرسوليين، و الرسائل التي كتبها البطاركة و الأساقفة الأرمن. بالإضافة إلى تقارير شهود عيان تصف بوضوح ما جرى. كانت الجهود البابوية تتجه للوساطة لمساعدة الأرمن. فقد حاول البابا لاوون الثالث عشر التوسط منذ عام 1859. كما سعى الكرسي الرسولي لأن يكون وسيطاً مع جمال باشا قائد الجيش التركي في سوريا، من أجل حرية 60 أرمني حكم عليهم بالإعدام عام 1917. كما حاول الكاردينال بيترو غاسباري وزير خارجية الفاتيكان التوسط مع مصطفى كمال باشا عام 1921 لحماية المسيحيين في تركيا. و لم يعمل الكرسي الرسول في المجال الدبلوماسي فقط، فقد سعى أيضاً لمساعدة اللاجئين الذين بقوا على قيد الحياة. و كتبت مجلة الحضارة الكاثوليكية أن الكرسي الرسولي "استمر بإرسال المساعدات المالية و المستلزمات، في الوقت الذي لم يكن فيه وجود للمنظمات الإنسانية الدولية، عدا الصليب الأحمر و الشرق الأدنى للإغاثة" .كما أولى الكرسي الرسولي عناية خاصة بالأيتام، و أسس "العديد من دور الأيتام" التي فتحت ذراعيها للناس من كل الديانات. و تمت استضافت الفتيات الصغيرات الأرمنيات اليتيمات في دار الأيتام في القصر الرسولي في قصر غوندولفو قرب روما. تحتوي هذه الوثائق على الأسباب التي منعت الدول من اتخاذ أي موقف من الإبادة الجماعية و عدم دفاعها عن الشعب الأرمني عندما بدأت البوادر الأولى للإبادة الجماعية بالظهور. و أكدت المجلة أنه في أواخر القرن التاسع عشر، مسألة مستقبل الأرمن "نُسِيت شيئاً فشيئاً" لأن "الدبلوماسية الأوروبية" عملت على "الحفاظ على وحدة الإمبراطورية العثمانية بأي ثمن". يلخص المطران أوغستو بونيتي القاصد الرسولي إلى قسطنطينية الوضع الدولي. فرنسا و روسيا تريدان الحفاظ على "سلامة تركيا". فرنسا كانت قد بدأت بالاستثمارات الرأسمالية الكبرى في المنطقة، في حين أن روسيا أرادت أن تكون العلاقات مع تركيا راقدة ليكون بإمكانها التركيز على منطقة الشرق الأقصى. و يرى المطران بونيتي أن لألمانيا مصلحة مادية في استمرار الحرب بين اليونانيين و الأتراك، في حين كان لانكلترا "مصالح سياسية هامة في تركيا". لعل هذه الوثائق تلقي الضوء على الأسباب المؤدية لارتكاب هذه المجازر وسط اللامبالاة السياسية العامة.

   وقد أكد البابا فرنسيس في عظته على ما طرحه يوم الأحد عن الإبادة الأرمنية، وأوضح للمصلين أن الكنيسة هو مكان للصدق، وفق موقع الفاتيكان.

   “مسيرة الكنيسة هي مسيرة الجرأة والصدق وقول الأمور بحريّة” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئساً القداس الإلهي صباح اليوم الاثنين في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان وأكّد أن الروح القدس وحده قادر على تغيير مواقفنا وتاريخ حياتنا وعلى إعطائنا الشجاعة تمامًا كما اختبروه الرسل بعد قيامة يسوع.

   “أما نحن فلا نستطيع السكوت عن ذكر ما رأينا وما سمعنا” استهل البابا فرنسيس عظته انطلاقًا من قول الرسولين بطرس ويوحنا هذا من القراءة الأولى التي تقدمها لنا الليتورجية من أعمال الرسل، وقال: بعد الأعجوبة التي قام بها بطرس ويوحنا وُضعا في السجن وتعرّضا للتهديد من قبل الأحبار والشيوخ الذين نهَوهُما عن ذكر اسم يسوع والتعليم به ولكنهما خرجا ورجعا إلى الإخوة وشجّعاهم على إعلان كلمة الله “بجرأة” ورفعوا الصلاة إلى الرب سائليه أن “ينظر إلى وعيدهم” ويمنح عبيده نعمة “أن يعلنوا كلمته بكلِّ جرأة.

   تابع الأب الأقدس يقول إن رسالة الكنيسة اليوم هي أيضًا رسالة مسيرة الجرأة والشجاعة المسيحيّة. هذان التلميذان البسيطان – كما يخبرنا الكتاب المقدّس – وغير المتعلمان قد تحليا بالشجاعة، وهي كلمة يمكن ترجمتها أيضًا بكلمة “جرأة” و”حرية التعبير” و”عدم الخوف من تسمية الأمور بأسمائها…” إنها كلمة تحمل الكثير من المعاني، الجرأة… لقد انتقلا من الخوف إلى جرأة قول الأمور بحريّة.

   جلسة الاستئناف في قضية “سويسرا ضد بيرنجيك” المتعلقة بإنكار الإبادة الأرمنية في المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان

   عقد في مطلع العام الجاري 2015 جلسة الاستئناف في المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان في قضية “سويسرا ضد بيرنجيك”.وأن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تنظر في القضية المقامة ضد السياسي القومي المعارض دوجو برينجيك زعيم حزب العمال التركي، والذي كانت المحكمة قد أصدرت حكما سابقاً لصالحه في القضية المتعلقة بإنكاره إبادة الأرمن ورفضه وصفها بأنها تشكل جريمة إبادة عرقية جماعية .وكانت المحكمة السويسرية أصدرت حكماً على بيرنجيك لانكاره الإبادة الأرمنية وتغريمه مادياً وحمله مسؤولية قضائية. وكانت الحكومة السويسرية قد قدمت طلباً الى المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان في آذار 2014 تلتمس فيه إحالة القضية الى الدائرة الكبرى. وتم إشراك أرمينيا وتركيا في القضية كطرف ثالث. ويذكر أن ممثلين عن الأرمن ومكتب القضية الأرمنية في أوروبا قد حضروا الجلسة المذكورة.

   الدول التي اعترفت بالأبادة الأرمنية

   اعترف مؤتمر باريس عام 1920 بالإبادة الأرمنية. ومنذ ذلك الحين اعترفت اكثر من 20 دولة بالإبادة، باستثناء تركيا، التي لا تزال تدَّعي أن المجازر كانت نتيجة لمكافحة الجماعات المؤيدة للاستقلال. كما قامت تركيا بمحاكمة الكتاب والمؤرخين الذين نشروا الكتب عن الإبادة الجماعية. وفقط في العام الماضي، أعرب رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان “تعازيه لأحفاد الأرمن” دون ان يسمي الأحداث بمسمياتها الحقيقية. المنظمات الدولية التي تعترف رسميا بالإبادة الأرمنية تشمل: الامم المتحدة، البرلمان الأوروبي، مجلس أوروبا، مجلس الكنائس العالمي، منظمة حقوق الانسان، جمعية حقوق الإنسان التركية ميركوسور، جمعية الشبان المسيحيين. قرار مجلس الجمعية البرلمانية الأوروبية، 24 أبريل 1998: اليوم الذكرى السنوية لما يطلق عليه أول إبادة جماعية في القرن 20، ونحن نحيي ذكرى ضحايا الأرمن في هذه الجريمة بحق الانسانية. الدول ذات السيادة التي تعترف رسميا بالإبادة الأرمنية تشمل: أرمينيا، الأرجنتين، بلجيكا، كندا، تشيلي، قبرص، فرنسا، اليونان، إيطاليا، لتوانيا، لبنان، هولندا، بولندا، روسيا، سلوفاكيا، السويد، سويسرا، أوروغواي، الفاتيكان، فنزويلا. المناطق أو المحافظات التي تعترف بالإبادة الأرمنية تشمل: اقليم الباسك واقليم كتالونيا في اسبانيا، اقليم القرم في اوكرانيا، نيوساوث ويلز وجنوب أستراليا في أستراليا، كيبك في كندا، و 42 ولاية في الولايات المتحدة الاميركية.

   تقديس الضحايا الأرمن

   غبطة البطريرك كاريكين الثاني، كاثوليكوس عموم الأرمن، كان قد اعلن في وقت سابق أن الكنيسة الرسولية الأرمنية سوف تقيم قداس كبير ليلة ٢٣ نيسان ٢٠١٥ وأنه شخصيا سيترأس القداس لإعلان جميع ضحايا الإبادة الجماعية الأرمنية قديسين، لأنهم استشهدوا في سبيل الإيمان والوطن. وسيجعل من يوم 24 نيسان يوماً لإحياء ذكرى جميع “الشهداء القديسين للإبادة الجماعية”. كما وستقرع جميع اجراس الكنائس الأرمنية في العالم مئة مرة في تمام الساعة السابعة و الربع من ليلة 23 نيسان و الساعة 19:15 تعبر عن رمز للعام التي وقعت فيه ابرز المذابح و اكبرها وعدد الدقات يرمز لما مر من السنين على الجريمة. ووفقاً لتقارير مؤكدة، سيحيي البابا فرنسيس قداساً في ساحة القديس بطرس في 12 نيسان في ذكرى الإبادة الجماعية للأرمن. المصدر : الإبادة الجماعية الأرمنية /الكنيسة الأرمنية الرسولية/ كاريكين الثاني بطريرك عموم الارمن

   تفتيش، ترحيل قتل وتصفية.. مدن و قرى .. اسماء لا تراها إلا على خريطة الإبادة الجماعية الأرمنية

   خلال فترة الحرب العالمية الأولى قام الأتراك بالتعاون مع عشائر كردية بإبادة مئات القرى الأرمنية شرقي البلاد بواسطة القوات الحميدية في محاولة لتغيير ديموغرافية تلك المناطق لأنهم كانوا يخططون لبناء دولة كبرى لا يرغبون فيها أن يعيش سوى التركي. كما اجبروا القرويين على العمل كحمالين في الجيش العثماني ومن ثم قاموا بإعدامهم بعد انهاكهم. غير أن قرار الإبادة الشاملة لم يتخذ حتى ربيع 1915 حسب المؤرخين، ففي 24 نيسان 1915 قام العثمانيون بجمع المئات من أهم الشخصيات الأرمنية في إسطنبول وتم اعدامهم في ساحات المدينة. بعدها أمرت جميع العوائل الأرمنية في الأناضول بترك ممتلكاتها والانضمام إلى القوافل التي تكونت من مئات الالآف من النساء والأطفال في طرق جبلية وعرة وصحراوية قاحلة. وغالبا ما تم حرمان هؤلاء من المأكل والملبس. فمات خلال حملات التهجير هذه حوالي 75% ممن شارك بها وترك الباقون في صحاري بادية الشام.

   ويروي أحد المرسلين الأمريكيين القادم إلى مدينة الرها:

   «خلال ستة اسابيع شاهدنا أبشع الفظائع تقترف بحق الآلاف… الذين جاؤوا من المدن الشمالية ليعبروا من مدينتنا. وجميعهم يروون نفس الرواية : قتل جميع رجالهم في اليوم الأول من المسيرة، بعدها تم الأعتداء على النسوة والفتيات بالضرب والسرقة وخطف بعضهن… كانوا من أسوأ العناصر كما سمحوا لأي من كان من القرى التي عبروها باختطاف النسوة والاعتداء عليهن. لم تكن هذه مجرد روايات بل شاهدنا بأم أعيننا هذا الشيء يحدث علنا في الشوارع .» الخريطة المرفقة فيها توضيح لسير عمليات الإبادة وكيف انها تحتوى على مئات مراكز التفتيش والترحيل في حين أن مراكز التصفية كانت قليلة بعض الشيء ولكن كفيلة بإبادة ثلثي الأمة الأرمنية.. معظمهم في دير الزور السورية.

   إحياء الذكرى:

   هناك أكثر من 135 نصب تذكاري، موزعة على 25 بلداً، احياء لذكرى الإبادة الجماعية للأرمن. في عام 1965، في الذكرى 50 للإبادة الجماعية، وبدأ احتجاج جماعي على مدار 24 ساعة في يريفان مطالبين الاعتراف بالإبادة الأرمنية من قبل السلطات السوفيتية. تم الانتهاء من النصب التذكاري بعد ذلك بعامين، متحف الإبادة الارمنية يقع فوق الخانق هرازدان في يريفان. شاهد طوله حوالي 44 متر (144 قدم) ويرمز إلى النهضة الوطنية للارمن. تم وضع اثني عشر بلاطة في شكل دائرة، وهو ما يمثل 12 مقاطعة في تركيا فقدت في يومنا هذا. في مركز الدائرة هناك شعلة أبدية. في 24 نيسان، يأتي مئات الآلاف من الناس سيرا على الاقدام إلى نصب الإبادة الجماعية ويتم وضع الزهور حول الشعلة الابدية.

   نصب تذكاري اخر تم تفجيره، في مدينة الفوتيفلي، فرنسا، بالقرب من باريس، في 3 أيار 1984، من قبل المنظمة التركية الذئاب الرمادية بقيادة عبد الله جاتلی، والتي دفعت من قبل وكالة الاستخبارات التركية.

   المذبحة السريانية الكلدانية الآشورية:

   وتعرف أيضاً بأسم سيفو Sayfo، بالسريانية : ܣܝܦܐ أي السيف هي المذابح التي أرتكبت بحق السريان الكلدان الآشوريين (أبناء الكنائس السريانية بشكل عام) في الدولة العثمانية في نهاية الحرب العالمية الأولى على يد تركيا الفتاة. الشعب السرياني الساكن في بلاد الرافدين، طور عبدين والمناطق التي تقع جنوب شرق تركيا وشمال غرب إيران كان هدفاً للقوات العثمانية (التركية والعشائر الكردية التي أرتكبت مجازر بحقه في المناطق المذكورة سابقاً خلال الأعوام 1920 – 1924 تحت قيادة تركيا الفتاة. أوضح الدارسون أن الضحايا السريان كانوا ما بين 500,000 إلى 750,000 ضحية. لقد كانت المذابح السريانية ذات أهمية توازي أهمية مذابح الأرمن ومذابح اليونانيين البونتيك. لكن على عكسهما، لم يكن هناك أي رد فعلي وطني أو عالمي بشأنها، وتم تصنيف المذبحة السريانية كجزء من مذابح الأرمن.

    الأسباب:

   كان السريان، الأرمن، واليونانيون ضحايا حرب إعدام واسعة، والسبب الرئيسي هو

   1 ) التعصب التركي العرقي والديني

   2 ) ارادة الاتراك بتكوين شعب ورقعة صافية من الاتراك الحقيقيين ، خالية من اي شوائب شعوب اخرى

   3 ) التوسع المسيحي في المنطقة بكافة تفاصيله الثقافيو الروحي و السياسي

   4 ) حرمان آشور من أن تكون إحدى القوى الدولية في القرن العشرين اضافة الى ارمينيا ومخافة انشاء دولة اشورية او سريانية مثل دولة ارمينيا

   5 ) الإضطهاد الديني الممتد من التوسع المسيحي في الاناضول.

   6 ) تصنيف الأتراك الشعب السرياني كجنس أرمني.

   7 ) يعتبر البعض أن ارتكاب المجازر جاء على خلفية اعتقاد العثمانيين بأن السريان يريدون الاستقلال

   8 ) الادعاء بأن السريان رأوا الإعدادات العثمانية وقرروا الإنضمام إلى الجيش الروسي الغازي في الشرق.

   9 ) بعدما رأت الدولة العثمانية السريان كخطر واقع عليهم قرروا تهجير السريان ( وكل مسيحيي المنطقة ) إلى بادية الشام، وان معظم السريان هناك ماتوا من “حملات الهلاك” والتجويع ونقص السوائل في الجسم. و يؤكد المؤتمر السرياني-الكلداني الذي حصل في 4 ديسمبر 1922، ذكر أن عدد الضحايا غير معروف، لكن الضحايا السريان-الكلدانيين كانت أعدادهم 275,000 ضحية خلال الأعوام 1914-1918.

   إنتباه الرأي العام و العالم للقضيتين الأرمنية والسريانية:

   لم يعر الراي العام إنتباه لمذابح السريان كما حصل أثناء وقوع مذابح الأرمن، والتي أعارتها الدول الكبرى والمنظمات العالمية أهمية كبيرة. ونقل عن المؤرخين السريان أن مثل هذه الحادثة لم تتم بسبب حرمان آشور من أن تكون إحدى القوى الدولية في القرن العشرين. وفي تلك الحالة، فإن المذابح التي حدثت للمسيحيين ككل في الأناضول تم ربطها بالمذابح المسيحية (ويربط بذلك مذابح اليونان في بونتيوس). وفي ديسمبر 2007، قامت المؤتمر الدولي لدارسي المذابح، وهي المنظمة الأولى في شؤون المذابح، قامت بالمقارنة بين مذابح السريان مذابح اليونانيين البونتيك. واقامت الدراسات عنها و التعريف بها. و تعزى الاسباب في ذلك الى

   1 ) النشاط الأرمني و الخمول السورياني الآشوري

   2 ) المأساة الأرمنية كانت الاقوى و الاقسى و الاكبر و الاكثر عددا و افظع

   3 ) اعداد هكاري من السريان و الكلدان و الاشوريين لا يضاهي ال مليون و نصف ارمني

   4 ) استمرار الصوت الارمني المنادي بالقضية لعشرات السنين وخمول بقية الاصوات عن قضيتهم

   5 ) انشغال بقية الشعوب المضطهدة عن قضيتهم و اهتمام الأرمن بها كمسالة اولى ازلية لا يمكن السكوت عنها بينما لا نرى استمرار شحن بقية الشعوب قضيتهم حتى الان و قد برز الصوت في مطلع العام الجاري 2015 باقامة القداديس لذكرى معركة سيبو في بيروت ولبنان

   وهذه احصائية عن اعداد بعض من المذابح العثمانية دون ذكر مذابح بحق العرب في مصر وسوريا و لبنان والعراق على يد العثمانيين عن كتاب -- " ; المصادر العربية حول جريمة إبادة الأرمن" إحصائية بضحايا المجازر الجماعية التي ارتكبت بحق مختلف شعوب الإمبراطورية العثمانية:

السنة

عدد الضحايا

الجنسية

1822

50000

يوناني في جزيرة كيوس

1850

12000

أرمني واشوري

1860

11000

لبناني وسوري

1876

15000

بلغاري

1877-1878

6000

أرمني

1892

8000

أيزيدي في الموصل

1894

500000

أرمني / في المجازر الحميدية

1896

55000

يوناني في جزيرة كريت

1909

30000  

أرمني

1915-1916

1500000

أرمني / المذبحة الأرمنية الكبرى

1917-1923

400000

أرمني

1922

50000  

يوناني

1894-1924

450000

اشوري

   و هذه لائحة احصائية برجال الدين و الراهبات المقتولين في تلك الحقبة المطران مالويان/ كاثوليكي في مدينة ماردين مع عدد من افراد طائفته تقريبا 400 شخص

   الاباء الدومنيكان / ماردين

   المطران اسرائيليان / كاثوليكي مطران خربط قتل بين اورفا و دياربكر

   الرهبان و الراهبات / مع عدد من افراد الطائفة

   المطران تشلابيان / دياربكر

   المطران خاجادوريان / ملاطية

   المطران شالدايان / الجزيرة مع عدد من افراد طائفته

   المطران السرياني / الجزيرة مع عدد من افراد طائفته

   الراهبة ريجينا رافّو / الجزيرة

   الاساقفة و الرهبان و الراهبات الكلدان في سيرت

   الاساقفة و الرهبان و الراهبات في ماداياث وسنيفاك وديريكيه وفارانشاهير

   المرجع / فرنسي Henri Barby. Au pays l'épouvant : l'arménie martyre Edition Hamaskain . Beyrouth 1927 pages 209 – 210

   وبالرجعة الى التاريخ لابد من الذكر بانه ليس لدى الظلم من استمرار و انه لابد من نهايته وان الظالمين الذين ارتكبوا افضع المجازر بعد المغول والتتار لابد وان ياخذوا قصاصهم العادل على يد الشعب الارمني الذي ارتكبوا بحقه تلك الجرائم والجدول ادناه يبين النهاية المزعومة لهولاء الظالمين

الاسم

الصفة

منفذ العملية

تاريخ ومكان التنفيذ

طلعت باشا

وزير الداخلية

صوغومون تيهليريان

برلين في 15 اذار 1921

محمد سعيد حليم باشا

رئيس الوزراء

ارشافير شيراكيان

روما في 6 ك1 1921

جمال باشا

وزير الحربية و قائد الفيلق الرابع في بلاد الشام

بيدروس تيربوغوصيان و ارداشيس كيفوركيان

تفليس في 21 تموز 1922

بهاء الدين شاكر

امر التشكيلات المخصوصة و عضو اللجنة المركزية للاتحاد

ارام يرجانيان و ارشافير شيراكيان

برلين في 7 نيسان 1922

انور باشا

وزير الحربية

كريكور ساروخينيان و هاكوب ملكونيان

بلجوان قرب دوشنبة عاصمة طاجكستان في 4 اب 1922

   هذا ولا تزال يدي تركيا ملطخة بدماء المسيحيين في وقتنا الحاضر ايضاً واشهر قصتين على ذلك وغيرها الكثير والكثير هذا فضلا عن انتهاج تركيا سياسة تجنيد وتدريب عناصر وبثهم لشتى اهداف العدوان والفوضى في سبيل مصالحها السياسية و الاقتصادية.. ونختصر منها التالي:

   1 ) من الجدير بالذكر ان راس الكنيسة الكاثوليكية البابا جون بول 2 تعرض لمحاولة أغتيال عام 1981 على يد مجرم تركي في 13 مايو 1981 كان البابا يجول على حشود من المؤمنين في ساحة القديس بطرس في الذكرى السنوية لظهور العذراء في بلدة فاطمة في البرتغال عام 1917 وفق العقائد الكاثوليكية، حينها أقدم مسلح تركي هو محمد علي أغا، الذي يوصف بكونه خبيرًا ومتدربًا في الرماية إلى جانب كونه عضوًا في "جماعة الذئاب الرمادية الفاشية"، بإطلاق النار على البابا باستخدام مسدس براوننج عيار 9 ملم، وقد استقرت الرصاصات في الأمعاء الغليظة والأمعاء الدقيقة، وقد نقل البابا إلى مشفى الفاتيكان ثم إلى مشفى جيميلي في روما، وخلال طريقه إلى المشفى فقد البابا الوعي، وخسر كمية كبيرة من الدم وخضع لعملية جراحية دامت خمس ساعات، لعلاج الكمية الكبيرة من الدم التي فقدها ولترميم الجروح التي أصيب بها في البطن مما قام به الأطباء تحويل مسار الأمعاء الغليظة للسماح بالقسم السفلي منها بالشفاء. وقد قال البابا أن سيدة فاطمة هي من ساعدت على إبقاءه قيد الحياة طوال محنته: "هل يمكن أن أنسى حدث محاولة علي أغا في ساحة القديس بطرس، التي وقعت في يوم وفي ساعة ظهور أم المسيح للفلاحين الصغار قبل أكثر من ستين عامًا في بلدة فاطمة في البرتغال؟ في كل ما حدث لي في حياتي وفي ذلك اليوم بالذات، شعرت بأن حماية الأمومة والرعاية الاستثنائية هي أقوى من الرصاصة القاتلة.. وتم القبض على أغا فور قيامه بالعملية من قبل المحتشدين وحتى وصول الشرطة، وقد حكم عليه بالسجن مدى الحياة؛ بعد يومين من عيد الميلاد عام 1983 زار البابا يوحنا بولس الثاني أغا في السجن، وتكلم معه على انفراد لمدة عشرين دقيقة، وقال يوحنا بولس الثاني: "ما تحدثنا عنه يجب أن يبقى سرًا بيني وبينه، تحدثت معه باعتباره شقيق، وقد عفوت له ولي كامل الثقة في ذلك".

   2 ) مقتل الصحفي الأرمني هراند دينك هرانت دينك تركي من اصل ارمني ولد في 19 أيلول عام 1954 في مدينة ملاطية (جنوب شرق تركيا). والده سركيس دينك، المعروف أيضاً باسم حاسم خلفا، يمتهن الخياطة، ووالدته غالفارت دينك. بقي هرانت في منزل جدّه حتى سن السابعة لينتقل بعدها إلى ميتم تابع للطائفة الأرمنية الإنجيلية في إسطنبول حيث تعرّف إلى زوجته المستقبلية راشيل ياكبازان. لم يكمل دراسته واسس مخيم ضم 1500 يتيم ارمني وعمل بين 1980 و1990، في مكتبة مع إخوته. وفي عام 1996، قرّر تأسيس صحيفة «آغوس» التي تصدر باللغتين الأرمنية والتركية، فشغل منصب رئيس التحرير فيها، على أن تكون الناطقة باسم المواطنين الأرمن في تركيا. أراد دينك أن تكون «أغوس» صوت المعارضة الديموقراطية التركية لإظهار حقيقة النظام وغياب العدالة بحقّ المجتمع الأرمني، كما أرادها أن تكون نقطة لقاء بين الأرمن والأتراك وأن تنمّي الحوار بينهما. واستمرّ في رئاسة التحرير حتى تاريخ اغتياله. بدأت «آغوس» بحوالى 1800 مشترك، لكن سرعان ما ارتفعت أسهمها لدى القرّاء ليصبح عدد مشتركيها 6000 من الأرمن والأتراك.

   حصل هرانت دينك على جائزة «ايزي نور زاراكوليو» لحرية التفكير والتعبير من منظمة حقوق الإنسان التركية عام 2005، وعلى جائزة «جيرمان هنري نانين» من مجلة «سترن» لحرية التفكير والشجاعة الصحفية، وعلى جائزة «دوتش أوكسفام بين» للفكرة والتفكير 2006، وعام 2007 نال قبل وفاته جائزة «بجورنسون» النرويجية لحقوق الإنسان قبل مقتله تعرّض هرانت لمضايقات كثيرة من القوميين الأتراك عبر البريد العادي والإلكتروني ورسائل قصيرة على هاتفه الخلوي بسبب دعمه للقضايا الأرمنية وحثه الحكومة على الاعتراف بالإبادة الجماعية بحقهم.

   تمت إدانة هرانت في 2006 بتهمة إهانة الهوية التركية بالحبس ستة أشهر مع وقف التنفيذ. وفي 19 كانون الثاني 2007، كان هرانت دينك عائداً إلى مكتبه في صحيفة «آغوس» من جولة سريعة على أحد المصارف القربية من مبنى الجريدة، حين فاجأه أوغون ساماست بثلاث طلقات. كان ساماست قد توجّه صباح اليوم نفسه إلى «أغوس» طالباً لقاء دينك، معرّفاً عن نفسه بأنه طالب في جامعة إسطنبول. وبعد أن رفض تحديد موعد له، غادر المبنى، لكن يبدو أنه كمن لدينك ساعات أمام المبنى حتى تمكّن من تنفيذ العملية. وقال شهود عيّان إنّ ساماست صرخ مرات عديدة "قتلت الخائن" قبل أن يغادر في سيارة بيضاء كانت تنتظره. بعد حوالى 32 ساعة من عملية الاغتيال قبضت الشرطة التركية على ساماست في مدينة سامسون على البحر الأسود لدى ركوبه حافلةً متّجهةً إلى طرابزون حيث يسكن ذووه، كما ضبط سلاح الجريمة معه. كانت الشرطة قد عمّمت صورةً للقاتل التقطت بواسطة كاميرات المراقبة، فتعرّف عليها والده وأبلغ الشرطة. بعد اعتقاله، قال ساماست إنه غير نادم على فعلته، معلناً استعداده لتنفيذ عمليات أخرى لـ«الدفاع عن الوطن»، كما ادّعى أنه تصرّف من تلقاء نفسه لدى قراءته على صفحات الإنترنت مقالات تدين دينك بالإساءة إلى القومية التركية. استقبل ساماست كبطل قومي في السجن، إذ سرّبت بعض الصور في مركز الشرطة تتضمن القاتل وعدداً من عناصر الأمن الفرحين، وقد علّقوا لافتةً تحمل قولاً مأثوراً لمصطفى كمال «مصلحة الوطن أغلى من أن تترك لأقدار تحدد مسارها». كما سمحت إدارة سجن قاسم باشا في العاصمة، حيث يقبع ساماست، بإدخال تلفزيون وصل لساماست هديةً من أحد رجال الأعمال الأتراك.

   واخيراً.. لازالت تركيا والاتراك تتنكر لجريمة الابادة .. لماذا ؟؟!! لان الاعتراف بهذه الجريمة يتطلب امورا كثيرة اهمها:

   1 ) حق الارمن في الرجوع الى وطنهم الاصلي

   2 ) اثبات دليل قطعي على ان الاراضي الارمنية مغتصبة من ارمينيا

   3 ) ضرورة اعادة الارض والاموال الى اصحابها الشرعيين وتعويضهم

   4 ) تعويض كافة الخسائر التي لحقت بالارمن بسبب القتل والنفي و التهجير ومصادرة الاراضي والممتلكات والحقوق

   5 ) الالتزام بالقضايا اعلاه هو ليس من سياسة تركيا ولا من اهدافها المتمثلة باقامة امبراطورية تركية عظيمة ونسف لجوهرها العنصري الاحتلالي التوسعي الهمجي القاتل

   6 ) دخول تركيا بدوامة تعويضات مالية هائلة تثقل كاهلها الاقتصادي حد الثمالة الى الابد وهذا ما ربحته لنفسها نتيجة افعالها الدنيئة الاجرامية.

   يطول الحديث وتمر السنين وسيبقى الشعب الارمني قويا مسيحيا مصلوبا يتذكر ويطالب.. وتستمر القضية الارمنية بصوتها العالي والمدوي ويبقى الاستشهاد وساما براقا على صدور الشعب الارمني سابقا وحاليا وعلى صدور كل المسيحيين المضطهدين والمنفيين والمسلوبين والمقتولين وتبقى رايات النصر تلوح بالرجاء وتبقى القيامة هي نهاية الموت ويبقى صوت الحق هو الاعلى مهما طال الظلم ومهما اعاد التاريخ نفسه.

   ولكل من يريد اضطهاد اي مسيحي بشتى انواع الاضطهاد.. عليه ان يعلم ان المسيحي لا يستسلم ولا يموت وان مات بالجسد فانه يقوم بعد موته.. ويتجدد بعد محنته.. بقوة من وهب الحياة.. واباد الموت.. حرر البشرية وانار كل ظلمة.

 

 

 

 

-------------------------------------

---------------------------

 

أعلى الصفحة

العودة للصفحة السابقة