ديوان أوقاف المسيحيين والديانات الاخرى

كتابات عامة

                                                                                                                                                    

 

اتصلوا بنا

أرشيف الأخبار

مجلة آفاق مندائية

مجلة صدى النهرين

رئاسة الديوان

من نحن

الرئيسية

 

 

  شعــب يجيــد الهتــاف

عامر رمزي

amir.ramzi1@yahoo.com

                                                                                                                                                           

 16 كانون الثاني 2010

 

         لا أحد يجرؤ أن يتباهى بأن الشعب العراقي قد اختار نظامه السياسي عند إعلان الدولة العراقية عام1921، فقد رضخ الشعب بلا مقاومة تذكر لاختيار الأمير فيصل على سدة حكم البلاد على أساس انه شخصية عربية هاشمية، ولم يبذل الشعب جهدا في الضغط بأي اتجاه لاختيار شخصية عراقية تحكم البلاد إلا بعض محاولات بسيطة أجهضت بسهولة.

        يقول معروف الرصافي* : إن اتفاقا تم بحضوره على أن يكون عبد الرحمن النقيب رئيسا على البلاد بدل فيصل على أساس أن العراق للعراقيين.

        وقد نشرت جريدة الاستقلال العراقية في 17 تشرين الاول1920 مقالا افتتاحيا اعترفت فيه بترجيح  النظام الجمهوري على الملكي في العراق من حيث المبدأ لكنها بررت دعوتها للملكية بقوة، جاء فيه:

        إن الجمهورية أحسن بكثير من الملوكية الموروثة، لكن أذواق العرب تنطبق على الملوكية لا الجمهورية، وان كل حكوماتهم عبر التاريخ (عدا عهد الخلفاء الراشدين) كانت ملكية، وان جميع حكوماتهم الحاضرة (حتى تاريخ كتابة هذا المقال) ملكية.

       ثم راح كاتب المقال الافتتاحي يرد على دعاة النظام الجمهوري المُهمشين فيقول:

  (يذكرونا دوما بمساوئ الملوكية ويدعون أنها تستلزم صرف مبالغ جسيمة على البلاط الملوكي وينسون أن العراق بلد غني ولن  يعجز عن دفع نفقات ملكه).

        والملفت للنظر بان الكاتب قد أنهى مقاله (بعدم إمكان اتفاق العراقيين على أي شخص يتملك عليهم لذلك رشحت الجريدة أحد أفراد العائلة الهاشمية الشريفة في الحجاز ليكون ملكا في العراق)!!!.

والمثير هو ما حصل في اجتماع النجف عام 1918 الذي ضم الشخصيات البارزة وقادة وطنيين آنذاك  من النجف وأبي صخير والشامية، وخلال استفتاء بين كانون أول 1918 وكانون ثاني 1919، فضلوا أميرا حجازيا لحكمهم بدلا عن النظام الجمهوري!.

        ومن الممكن أن يكون ذلك قد أدى إلى عدم تمكين المستعمر حينها للأخذ بفكرة تقسيم العراق على أساس طائفي ومذهبي وعرقي فلا وجود لقوى تنادي بذلك التقسيم.

        ومن الغريب أيضا أن تعلن بريطانيا بان العراق لم يصل إلى مستوى من الرقي ليؤسس فيه جمهورية، في وقت كانت ظروف البلاد آنذاك مشابهة إن لم تكن أفضل من حالها هذه الأيام من ناحية التوافق السياسي الذي كان السبيل نحو تحقيقه تلك الأيام أسهل بكثير بسبب قلة عدد الناشطين السياسين وندرة الايدولوجيات وعدم نمو بذور الطائفية المقيتة.  

 

   والسؤال: لِم لم يبرز بين العراقيين قائد تفاوضه بريطانيا على حكم العراق ولم تجد سوى شريف مكة  حسين أو عبدالعزيز آل سعود الذي كان قد رشحه بعض الانكليز في حكومة الهند لهذا المنصب؟!!.

        طيلة قرابة تسعون عاما مرت والعراق لم يلد شخصية وطنية يلتف حولها الجميع ولا نشوء لقوة سياسية تمثل كل أطيافه بصدق وعفوية، بل تحول كل فرد فيه من فرد حر إلى فرد منتم لحركة أو حزب أو دين أو طائفة أو عشيرة وقومية. وما استطعنا الوصول إليه الآن دون عناء يذكر هو استحداث قانون انتخابي فريد من نوعه عالميا يقوم على المحاصصة الطائفية لم يفكر به القادة الذين اجتمعوا بالنجف عام 1920 عندما قرروا تسليم المُلك لفيصل.

       من سخرية الأقدار أن تعزف جوقة الموسيقى العسكرية النشيد الملكي البريطاني (حفظ الله الملك) يوم تتويج الأمير  فيصل ملكا على العراق عندما أجلسوه على المنصة وعن يمينه السير برسي كوكس المندوب السامي البريطاني وعلى يساره القائد العام للجيش البريطاني، ثم هتفت جموع الشعب بكل سذاجة (يحيا الملك)!!!

 

 

 

 *بحسب مجلة الثقافة الجديدة في نيسان/ أبريل عام 1954.

 

 

أعلى الصفحة

  العودة للصفحة السابقة