كثر الحديث وتشعب حول ما يدور في العراق هذه الايام وحول
حجب الثقة عن بعض الاسماء وابعادهم من العملية الديمقراطية
بحجج معلنة للجميع الامر الذي اثار البعض سلباً
وهلل له الآخر فرحاً لأنه ازاح غريماً من المنافسة إلا ما
قد يكون في الصدور من رغبات وتمنيات منها ما تكون مشروعة
من وجهة نظر معينة وغير مشروعة بنظر آخرين، وهذا كله امر
طبيعي في الممارسات الديمقراطية فللجميع الحق في التعبير
عن الرأي ولا قيود على ذلك شريطة عدم تقاطع الآراء بقوة
والاعتداء على حرية الآخرين والحاق الأذى الفكري او الجسدي
مما يطرحه البعض الذي يعتبر ضد الثوابت الوطنية المعترف
بها من قبل جميع الكتل السياسية الذي يعتبر الدستور هو
الثابت الوطني وقد صوت عليه الشعب واقره. إن هذه الوثيقة
هي الفيصل القانوني بين الجميع، تنصف الجميع وتعطي كل ذي
حق حقه.
لكن حتى نضمن للدستور الولاية على جميع العراقيين
وان يشعر جميعهم بأن الدستور يظللهم ويقودهم بالاتجاه
الصحيح وينصفهم عند حدوث التقاطع او الخلاف، فإن الدستور
كأوراق يكون ميتاً إن لم يجد الايدي الامينة التي تحرص على
تطبيقه بشفافية بحيث يكون الساهرون على تطبيق بنوده
يتمتعون بالاستقلالية والحيادية ولا همَّ لهم سوى إحقاق
الحق ورفع الغبن والحيف الذي يتشكى منه هذا او هذاك، كما
هو حال مفوضية الانتخابات التي تعتبر المفتاح الاول لأنجاح
الانتخابات واعتبارها نزيهة عندما تقوم بعملها بحيادية
وتقف على مسافة واحدة من الجميع وتطبق المعايير المهنية
البحتة لاظهار النتائج التي ترشح من عملية التصويت وهذا
ايضاً ينطبق على هيئة المساءلة والعدالة التي يجب ان لا
تكون منحازة لأي طرف وتتحلى بالمهنية البحتة، لاننا بعمل
مجموعة من الهيئات والمؤسسات المهنية نطبق الدستور
والقوانين ونضمن عدم انحيازها.
عراق اليوم يعيش حالة من الضبابية لأن ما يمكن
القول هو إن قنابل موقوتة يتم تفجيرها بأوقات محرجة لكي
تقضي على هذا او ذاك وكإنها فعلاً مقصودة لاجتثاث اشخاص
معينين لأهداف معينة، والمراقب يتساءل: اين كانت هذه
المؤسسات عندما كان هؤلاء الاشخاص الذين اقصتهم من العملية
الديمقراطية يتواجدون في برلمان اليوم ويساهمون في
النقاشات وإصدار وتشريع القوانين؟ وكيف سمحت لهم العمل في
اعلى سلطة تشريعية كل هذا الزمن ولم يتم اكتشاف ميولهم
لجهة ممنوعة؟ أليس إثارة الموضوع اليوم هو لخلق ثغرة في
الممارسة الديمقراطية التي ترسي لمستقبل آمن ومستقر وجعله
لسنوات اربعة قادمة غير مستقراً ولا آمناً؟
إن عراق الغد بحاجة الى الاستقرار، فكفانا وضع
الحجر امام الآخرين، الم تكفنا ست سنوت مضت ولم تكن مستقرة
ان نرتب بيتنا من الداخل ونبدأ الخطوة الاولى نحو
الاستقرار؟ فالى متى يبقى ابناء العراق يتحسرون لضوء بسيط
من الامل يرتبون على نوره اوراق المستقبل الذي يضمن الحياة
الكريمة لهم وللاجيال القدامة؟
كفانا ممارسات ارتجالية وعلينا الالتفات نحو خطوات
وثقى لكي تأتي نتائج وثمار اعمالنا ناضجة وتتقدم بالعراق
خطوات كثيرة وكبيرة نحو الغد الافضل الذي يصبح به هذا
البلد الجريح بلداً آمناً حاله حال بلدان الدنيا ونلتفت
للبناء.