ديوان أوقاف المسيحيين والديانات الاخرى

كتابات عامة

 

اتصلوا بنا

أرشيف الأخبار

مجلة آفاق مندائية

مجلة صدى النهرين

رئاسة الديوان

من نحن

الرئيسية

 

  المجلس الشعبي بين مؤتمرين

عبدالله النوفلي

                                                                                                                                                           

 21 تشرين الثاني 2009

 

استبشرت جماهير أمتنا؛ أمة السورايى، بتشكيل المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري بعد عقد مؤتمر عينكاوا 2007، والذي كان شعبيا بمعنى الكلمة، حيث التأم أكثر من 1200 شخصية من مختلف أبناء شعبنا سواء من الداخل أو الخارج والمهتمين بالشأن القومي والباحثين فيه وناقشو بإسهاب وبجلسات صباحية ومسائية مسائل عديدة كان من بينها تشكيل المجلس الشعبي، والذي رأى النور وعمل طوال الفترة الماضية وحتى يومنا هذا.

وشهدت مسيرة هذا المجلس تطورات عدة مثل دخول عدد من أحزاب أمتنا وتعثر دخول أخرى، وكذلك تم استقطاب عدد من التنظيمات الثقافية لشعبنا وتوسع المجلس بنظر البعض بعد دخول هذه الأحزاب حتى ذهب الاعتقاد عندهم بأن المجلس سيكون مظلة لهم، وهم سيتولون القيادة حسب اعتقاد البعض الآخر، أي أن اعتقاد البعض كان يسير باتجاه أن دور المجلس قد انتهى بدخول الأحزاب وعلى هذه أن تتولى القيادة كونها أحزابا سياسية ومجمل العمل هو سياسي بحت.

لكن الذي لا يعلمه البعض أن دخول هذه الأحزاب إلى المجلس والذي حضي بمباركة البعض، فإنه كان قد مضى بمعارضة البعض الآخر لأنه لم يكن يرغب أن تأخذ الأحزاب قصب السبق وتزيح المجلس من الواجهة وكأن دور المجلس قد انتهى، لكن أهداف المجلس أعمّ وأشمل وعليه أكمال المشوار لانضاج الواقع السياسي والقومي للأمة، واعتبر هؤلاء على مضض أن الحكمة من استقطاب الأحزاب في المجلس هي لتوحيد العمل والطاقات وصولا لإحداث زخم كبير على الساحة العراقية سواء في الجانب الكردي أو العربي.

ولكن اتضح فيما بعد أن للكثير من التنظيمات أجندات قد تصل إلى حد التقاطع ولا ترغب سوى باستثمار النجاح الجماهيري للمجلس باتجاه تقوية مصالحها وزيادة مكاسبها على الأرض ومنها في الانتخابات المتعددة. وشهدنا التأثيرات الخارجية التي حدثت وأدت إلى انسحاب التنظيمات الكلدانية وبعده الانسحابات الأخيرة قبل انعقاد المؤتمر الثاني، الأمر الذي أدى إلى اعتقاد البعض أن انتكاسة قد حلّت بعمل المجلس وكأن الأمة ستدخل نفقا مظلما جديدا، وكأن الجهود التي تم بذلها خلال السنوات المنصرمة قد ذهبت أدراج الرياح وهدرا وتراجع العمل القومي إلى الوراء.

إن الأمر أخوتي في أمة السورايى ليس هكذا، فالأمة بفضل الجميع؛ مجلسا ومسانديه وأحزابا ومؤيديها ستبقى تعيش المخاض لرسم معالم المستقبل الأفضل، فيبدو أن البعض لم تتحدد لديه معالم المستقبل الأفضل بعد وكذلك لم تتحدد لديه معالم العمل القومي أو الغاية من وجود المجلس الشعبي وكيفية استثمار هذا المجلس لتحقيق الأمور الايجابية للأمة.

وللمهتمين فقط أذكر: بأنني سبق وأن كتبت مقالات سابقا عن برلمان الأمة قبل انعقاد مؤتمر عينكاوا بسنتين، ونُشرت في مواقع الكترونية عديدة أضافة إلى صحف شعبنا وأحزابها، ورحب بالفكرة حينها المجلس القومي الكلدوآشوري في بغداد وتمت استضافتي في أحد الاجتماعات لأنني لم أكن عضوا فيه لمناقشة الموضوع، لكن المسألة كانت بحاجة لدعم ورعاية وخصوصا من قبل الجانب المادي للفكرة لأن الجانب السياسي مختلف تماما.

وكما يعرف أبناء أمة السورايى فإن أمتنا بها من الأحزاب الكلدانية .. السريانية .. الآشورية الشيء الكثير ومعظمها تؤمن بأننا أمة واحدة تضم: الكلدان .. السريان .. الآشوريين، ومؤتمر عينكاوا 2007 جمعها بكلمة ثلاثية مركبة ووضع معها بين قوسين اسم (سورايا)، فاستبشرنا خيرا وكان عمل المجلس تحقيقا لحلمي الذي ذكرته وسبق انعقاد مؤتمر عينكاوا بسنتين من الزمن ساهمتُ خلالها بالأفكار وبعمل المجلس والنقاشات وأغنائها بما يجول في فكري وخاطري من مسائل أراها مهمة للعمل القومي، وفي نفس الوقت كُنت أشارك في لقاءات مع أحزاب شعبنا وأتبادل وأياهم الأفكار والآراء لزيادة الخبرة واستكشاف أفكارها وتوجهاتها وصولا إلى إيجاد قنوات مشتركة تُمكننا من توحيد العمل القومي للقادم من الأيام.

وربما كانت الانعطافة بدخول المجلس دون الأحزاب في انتخابات برلمان كردستان الذي كان السبب فيه هو انسحاب التنظيمات الكلدانية، فلو استمر المجلس داعما لقائمة عشتار كما حدث في انتخابات مجالس المحافظات، لكانت قائمته تحوي التنظيمات الآشورية فقط لأن تواجد السريان في منطقة كردستان ليس بالكثاقة المطلوبة، ولو حدث هذا لكان أول المصوبين للسهام المضادة لعمل المجلس تكون التنظيمات الكلدانية وكانت ستقول حينها بأن المجلس ذهب نحو الآشورية ويبدأون بنسج الخيوط وبكون المخطط قديم وهكذا فإن المجلس قد حقق الحلم الآشوري وشكل قائمته من الآشوريين وإلى غير ذلك من الأقاويل التي لو مضى المجلس كما فعل أولا لكانت تحصيل حاصل نتيجة بقاء الأحزاب الآشورية وحزب تجمع السريان فقط بين التنظيمات المنضوية تحت لوائه، سيكون المشاركين والفائزين من الآشوريين. الأمر الذي قرر بموجبه المجلس أن يدخل كمجلس وليس باسم الأحزاب، وشاهد وسمِعَ شعبنا النجاحات التي حققها المجلس في انتخابات كردستان وحصوله على ثلاثة مقاعد من خمسة.

واليوم تتكرر المشكلة ويبدو الخلل جليا باستمرار وجود التنظيمات الكلدانية خارج المجلس فكان لابد للمجلس أن يسير بذات الاتجاه، واعتقدَ باقي التنظيمات أن وجودهم في المجلس سوف لن يجلب لهم أي مكاسب  دخلوا فيه من أجلها معتقدين بأنهم الأولى في الترشيح والحصول على المقاعد والدعم كونهم منضوين تحت لواء المجلس الشعبي.

لكن من ينظر إلى تشكيلة اللجنة التحضيرية للمؤتمر الثاني يجد سياسيين من مختلف الشرائح أعضاءا فاعلين فيها وعملو لفترة من الاعداد ليست بالقليلة كما وُجهت الدعوة من قبل هذه اللجنة للجميع دون استثناء، فمَن لازالت لديه أفكار غير واضحة عن عمل المجلس ودوره أو يريد أن يُجيّر إنجازات المجلس لجانبه فإن المجلس لا يستطيع التوقف في منتصف الطريق لأن التوقف بذاته يعتبر فشلاً.

ومسألة دخول أو خروج الأحزاب ومن يعتبرها ضربة للمجلس فهو مخطيء، وإن المجلس ليس واجهة سياسية بل تنظيم قومي بدأ شعبيا ولا ضير مطلقا أن يستمر هكذا بدوره لدورة ثانية من مؤتمره القومي لأن جذوره أصبحت ممتدة على كامل رقعة تواجدنا القومي، ومن استفاد من عمل المجلس عليه أن لا ينكر ذلك ويتذكر دائما فضله عليه ومقدار الدعم الذي حصل عليه خلال المسيرة الماضية.

إن المستقبل سيكون أفضل حتما وإن مسألة المخاض لا تنتهي بسنة أو اثنتين بل هي بحاجة لوقت أطول وأعتقد بأن المؤتمر الثاني سيكون له الفضل بتأطير الصورة لتكون أكثر وضوحا للسنوات القادمة وسيعي المُنسحبون بأن فعلهم لم يكن صائباً، ونحن لا نعتبر هؤلاء كالابن الضال!! المَثل الذي يورده الانجيل، بل الأبناء الذين اختلفوا بوجهات نظرٍ مع أخوتهم الآخرين وإن أبناء الشعب الذي يمثلهم المجلس هم أيضا من هذه الأمة وجميعهم مهتمون بالسياسة ولهم الخبرة في تسيير الأمور لأن القيادة لا تكون فقط بالمنتمين للأحزاب بل لذوي الأفكار والذين يحملون أجندة واضحة لرسم مستقبل الأمة.

وسيبقى المجلس مفتوحا لمناقشة جميع الأفكار لأن الأحزاب هي جزء من هذه الأمة وإن كانت تعمل بعضا: كلدانيا أو آشورياً أو سريانياً، لكن المجلس يعمل لجميعها: كلدانيا .. سريانيا .. آشورياً. إنه يعمل لأمة السورايى، وسيبقى بيت الأب مفتوحا لأبنائه ومتى ما عادوا سيفرح الأب وسيذبح العجل المُسمَّن لكي يفرح بالقادمين لأن مصير العمل المشترك هو هذه البودقة، ومن يريد العمل المشترك عليه الاستعانة بالمجلس لأنه بودقة الأمة ومن خلاله تنصهر كافة الخلافات الكلدانية .. السريانية .. الآشورية  لنخرج بأمة واحدة تتكلم السورث وتحمل أرث الكلدانيين والسريان والآشوريين معا ويفرح آشور وسنحاريب قي قبرهما وننال البركة من الله والثناء من شعبنا، وإذا جمعنا العصي كحزمة واحدة لا يمكن كسرها، لكن لو كانت فرادى لسهل كسرها ومن له أذنان سامعتان ليسمع، وسيبقى المجلس شامخا ولا يهزه ريح لأنه بُني على أرض صلبة وكان انبثاقه من رحم الأمة.

عبدالله النوفلي

سدني 21 تشرين الثاني 2009

 

 

 

أعلى الصفحة

  العودة للصفحة السابقة