وضعت قلمي جانبا لفترة ليست طويلة في قياسات الزمن، لكنها
بالنسبة لي تُعتبر طويلة لعدم خوضي غمار النِقاشات
السياسية والانسانية في العراق أولا وشأننا القومي ثانيا،
حيث أن الابتعاد أحيانا هو فرصة للمراقبة والتحليل لانضاج
الأفكار، فليس الأمر فقط مرهون بتواصل الكتابة وللبقاء
المستمر على الساحة، إنما العِبرة هي في الكتابة الرصينة
والدسمة التي تنفع القاريء وتجعله متابعا للكاتب الذي
يفضله.
فالساحة تزخر بالمئات من الكتاب كما أنها تفقد بعضهم
أحيانا لأسباب مختلفة ويكون أقساها وأكثرها حزنا عندما
يغيبه القدر رغما عنه كما حدث للفقيد الراحل الزميل
جميل روفائيل
الذي خسره واقعنا القومي في الوقت الذي كُنا بأمس الحاجة
لأفكاره ولقلمه الجريء والمُحلل والصريح للواقع دون مجاملة
هذا أو ذاك.
وبريق القلم يكون عندما يتخلص من تمجيدِ حاكمٍ أو سلطانٍ
أو من قذفِ هذا أو التشهير بذاك بما ليس من شأنه ليكون
قلما حرا يُسطر أفكارا بناءة حتى في حالات النقد، لأن هذا
الانتقاد وعندما ينتقل إلى أن يصبح مشروعا للهدم يُفقد
القلم مصداقيته كما يُفقد صاحبه مبادئه ليتحول إلى جانب
آخر غير إنساني، والذي يصادر حق غيره في أبداء الرأي أو في
قول الحقيقة.
هذه إذا جانبا من الحقيقة ومن الأسباب التي جعلتني أضع
القلم جانبا لاعادة التنظيم وفي جانب آخر كان للوظيفة
السبب الرئيسي الذي أشغلت قلمي به كيف لا وهو مصدر رزقي
وأنتظر النجاح فيه وثماره ينتظرها قطاع واسع من أبناء
شعبنا
الكلداني السرياني الآشوري
وكذلك من أبناء الديانتين الأيزيدية والصابئة المندائية،
فمن الأولى بمكان أن أركز جهودي وجلّ وقتي لكي يكون عملي
مثمرا ومفيدا ويُدخل الأمل في صدور أبناء جلدتي كمحاولة
لكي يُفكر هؤلاء على الأقل بأن الأمل لازال موجودا وأن
الحل ليس فقط بالهجرة والذهاب بعيدا.
وفي هذا الجانب كان لي فرصة خلال هذه الفترة أن ألتقي
مُهاجري بلدي في بلدان أخرى والذين كانوا معززين مكرمين في
العراق، لكنني وجدتهم تائهين وضايعين لا حول لهم ولا قوة
ولا عمل في بلدان المهجر وكل همهم هو البحث عن بلد في
المهجر يقدم المساعدات للمهاجرين دون تحديد ولزمن غير
محدد!!! إنها حقا مهزلة يضع المهاجر نفسه في أطارها فكل
همه هو الحصول على المساعدات بينما كان في بلده هو الذي
يمنح المعونات لهذا أو ذاك!!!
وشأننا القومي له الحق علينا أن نُعرج عليه في هذه المقالة
التي هي عبارة عن كشكول من الأفكار خاصة وأن الأنظار تتجه
لعقد مؤتمر قومي ثانٍ بعد مؤتمر عينكاوا التاريخي عام 2007
ونجد الهمة والتخطيط موجود، واللجنة التحضيرية تعمل بجد
وتطلب الأفكار من الجميع وتلتقي وتناقش كل من تستطيع
الوصول إليه أو يفتح لها قلبه وصدره، فهل بعد كل هذا توجد
حجة لدى الطرف أيا كان لكي يقاطع ويعزل نفسه، فعلى هؤلاء
أيضا تقع المسؤولية للتحرك وللوصول إلى اللجنة وأيصال
أفكارهم إن لم تستطع اللجنة الوصول إليهم، فقد عمل المجلس
الشعبي حسنا بفتح كافة القنوات للجميع ولتشكيله اللجنة
التحضيرية من أشخاص من داخل المجلس وآخرين من خارجه ومن
ذوي الباع الطويل في الشأن القومي.
إن الساحة اليوم وقبل أسابيع من عقد مؤتمر ثانٍ بحاجة
للهدوء وللتحليل الواقعي وصولا إلى الأفكار التي تخدم
المستقبل وإن كافة الأوراق مطروحة على طاولة البحث وجميع
المقاعد متيسرة لمن لديه القدرة والجرأة للجلوس والتحاور
وعندما نتحلى بذلك جميعنا سنصل إلى حلول لكل مشاكلنا
ومشاكل أمتنا بيسر وسهولة ومنها أشكالية التسمية...
أمنيتي أن نكون يدا وقلبا وأرادة واحدة.