الذي يَجمع والذي يُفَرّق
عبدالله النوفلي
22
آب 2009
كثيرون هذه الأيام يتحدثون ويكتبون في الشأن القومي؛ ومنهم من
يهتم بالكلدانية دون غيرها أو قد يعطي هذه قدراً أكبر من
اهتمامه بغيرها، بينما يعتبر الآخرون أندادا له بل قومية
مشابهة لقوميته ولها الحق بالعمل والنضال لتحقيق هويتها، ومنهم
من يتعصب لقوميته وينكر حق الآخرين، وهكذا نجد وكأن الحابل قد
اختلط بالنابل ويصاب بالدوار كل من يقرأ ما يتم كتابته، لأن
الخيط الأبيض يضيع ولا يمكن تمييزه مطلقا من خلال خيوط سوداء
كثيرة وظلام حالك!!!
لكننا يجب أن ننتبه
بأن السلاسل الغليضة ليست هي التي تقوّي العلاقة بين أبناء
الأمة الكلدانية السريانية الآشورية،
إنما خيوط من حرير رفيعة صغيرة في الحجم وناعمة تلك التي تربط
الكلداني مع أخيه السرياني وهؤلاء مع أخيهم الثالث الآشوري،
تلك الخيوط التي حاكها الزمن كالنبات المتسلق الذي يتشبث بما
يصادفه لكي يمتد ويتسلق، هذه الخيوط نحوكها نحن بمحبتنا
وبقبولنا للآخر ومسامحته،
وكلما زادت مساحة المحبة والقبول والتسامح أصبحت هذه الخيوط
أكثر متانة ويصعب قطعها وبعثرة ما تربطه
لنجد الأمة في حال غير الذي يكتبه الكثير من كتابنا الأعزاء
ومن ينشد الفرقة يجد أمامه مساحة واسعة للحركة وكذلك من ينشد
الجمع يجد الأرض خصبة وتقبل وتتقبل لآنها تنشد الحال الأفضل
وبلا شك الجمع خير من الفرقة.
ومن ذلك نجد اليوم حديثا حول تأسيس اتحاد عالمي للكتاب
والمفكرين الآراميين أو للكلدان أو للآشوريين وكأنه يحقق بذلك
نصرا مبينا وكأن ما يكتبه الآشوري لا يفهمه الكلداني أو ما
يكتبه السرياني لا يفقهه الآشوري، وكما قلنا من ينشد الفرقة
فإن المساحة أمامه شاسعة وواسعة لكن من يجمع ويفكر بعقل
الجماعة سيجد أن اتحادا واحدا قوميا يكفي ليجمع الكتاب السريان
الكلدان الآشوريين، لأنهم يتكلمون ويكتبون بذات اللغة وذات
الأبجدية وبقواعد لغوية واحدة، هذا إن استخدموا اللغة الأم،
أما إذا مارسوا الكتابة بلغة غيرها كما أنا الآن أكتب هذه
المقالة فسأكون ويكونون لا يحملون من الانتماء سوى الاسم الذي
ننتمي إليه فأنا الآن أستخدم العربية وغيري ربما الانكليزية أو
الفرنسية....
علينا إن أردنا الجمع أن نقوّي خيوط الحرير الناصعة الناعمة
التي تربطنا ولا نلجأ إلى السلاسل لكي نجمع وثاق الأمة قسرا
حتى لو كانت بين طيف من أطيافها كالآشورية أو الكلدانية أو
السريانية، فما يأتي بالقوة يذهب بالقوة وما يُبنى على الرمل
يكون انهياره سريعا وعظيما. لنعمل إذا على أرضية صلبة لكي نحصل
على بنيان قوي يصمد أزاء عواتي الزمن.
أعلى الصفحة
العودة للصفحة السابقة
|