نبذة عن حياة يهود كردستان العــراق
بشار واثق
العبوسي
29
تمــوز 2009
تقع كردستان تحت سلطات ثلاث دول، القسم الأكبر تحت سلطة تركيا
وقسم تحت سلطة إيران والقسم الصغير تحت سلطة العراق. غير أن
معظم يهود كردستان يستقرون في القسم العراقي، ويعود انتشار
الديانة اليهودية في كردستان إلى العائلة الملكية الكردية
المعروفة بـ (أديابين)
التي اتخذت من اربيل كعاصمة لها وقد اعتنقت الديانة اليهودية
في القرن الأول قبل الميلاد.
يستقر اليهود الأكراد في كردستان في مناطق عدة منها الموصل،
واربيل، ودهوك، وزاخو، والسليمانية، فقد كان لهم فيها حي خاص
باسم (كه ره كي جوله كان)
ومعناه حي اليهود، وكركوك وفي منطقة ديالى وعلى وجه الخصوص في
مدينة خانقين .وقد انتشروا في حوالي مئتي قرية بين العرب
والأكراد والأتراك والإيرانيين، وطوائف دينية مثل الكلدان
واليعاقبة والشبك والايزيديين. وكانت في كردستان شوارع تحمل
أسماء يهودية في كثير من المدن.
وقد تمركزت الحياة الروحية لليهود حول الكُنس، وعُرف رئيس
الطائفة حتى القرن التاسع عشر بأسم الرئيس أو الحاكم، من ثم
تولى رئاسة الطائفة الحاخام، وكان يهود كردستان خاضعين في
شؤونهم الدينية إلى الرباني في بغداد.
كانت لغة المخاطبة ليهود كردستان هي الآرامية الممزوجة بمفردات
عربية وكردية وعبرية وفارسية وتركية، أطلقوا عليها اسم
"لشون ترجوم".
وعمل يهود كردستان على فتح مدارس دينية وعلمية عدة في مناطق
تواجدهم، وقد افتتحت شركة (كل إسرائيل رفاق) مدارس في مدن
الموصل في سنة 1900م وسنة 1906م وفي كركوك في سنة 1912م. ظهر
منهم العديد من العلماء الذين اهتموا بمختلف العلوم،ومن أبرزهم
الرباني شموئيل بن نتنال اللاوي برزاني وابنته أسنت التي كانت
رئيسة يشيبة (مدرسة)
في الموصل، في بداية القرن السابع عشر، والرباني فنحاس بن
الرباني إسحاق حريري وابنه الرباني جرشوم بن الرباني رحميم،
والرباني شموئيل بن شمعون عجميا، والرباني باروخ وغيرهم
الكثير.
تعرض يهود كردستان إلى موجات من العنف والاضطهاد عبر تاريخهم
من قبل الحكام الإقطاعيين. وسلبت أموالهم بالقوة لذا لجؤا إلى
طلب الحماية من رؤساء العشائر الذين سموا بـ
(الأغوات)
الذين كانوا أصحاب قوة ونفوذ غير أنهم فرضوا ضرائب ثقيلة على
اليهود الموجودين تحت حمايتهم، دفع سوء الوضع الأمني الذي عاشه
يهود كردستان إلى ارتحالهم من مكان إلى مكان من القرى الصغيرة
إلى الكبيرة ومنها إلى المدن الكبيرة.
لم يكن الوضع الاقتصادي لليهود مزدهراً، إذ عاش معظمهم في حالة
من الفقر، فأمتهن المتمدنون منهم التجارة والصناعة، فمنهم
النساجين والصباغين والصاغة والاسكافيين والحمالين ودباغي
الجلود والحاكة والصيارفة والمعلمين، والمزارعين منهم عملوا
على تربية المواشي وزراعة الرز والعدس والسمسم والتبغ وماشابه
ذلك، وفي زاخو كانت لهم سوق خاصة بهم تسمى(شوكت
هوديعي) ومعناه المحل اليهودي.
وفي بعض الأحيان كانت لهم بساتين وحدائق وقطعان من البقر
والضأن، كما قامت قرى فلاحية كان جميع سكانها من اليهود،
كسندور وسندوخا، وفي أوقات الشحة والأزمات كان البعض منهم
يقصدون مدينة بغداد للبحث عن عمل كخدمٍ في بيوت الأغنياء. إذ
امتاز اليهود الأكراد بكونهم أصحاء وأقوياء ومؤهلون لكل عملٍ
قاسٍ. أمازيهم فهو الزي الكردي ولا يختلفون عنه إلا في الملابس
الدينية.
ظلت في كردستان قبور الأنبياء التوراتيين ومراقدهم محط اهتمام
اليهود إلى يومنا هذا مثل
(النعوم) في اليخوش، والنبي(يونس)
في نينوى القديمة، و(دانيال)
في كركوك، و(حبا كوك)
في تويسر كان، والملكة (أستر)
و (مردوخاي)
في همدان وغيرها.
ومنذ أربعينات القرن العشرين هاجر يهود كردستان إلى شتى بقاع
العالم،
وأصبح عددهم قليلاً جداً، وبعد مرور مايزيد عن خمسين سنة على
هجرتهم لايعرف الجيل الحالي في كردستان عنهم الا القليل، وقد
اختفى أي اثر لأناس عاشوا على ارض النهرين لآلاف السنين مع
أبناء الأديان والطوائف الأخرى.
أعلى الصفحة
العودة للصفحة السابقة
|