ديوان أوقاف المسيحيين والديانات الاخرى

كتابات عامة

 

اتصلوا بنا

أرشيف الأخبار

مجلة آفاق مندائية

مجلة صدى النهرين

رئاسة الديوان

من نحن

الرئيسية

 

  كفوا أيديكم عن بيوت اللــــــــــــــه

د. وسن حسين محيميد

                                                                                                                                                           

 27 تمــوز 2009

 

      "وَلَولاَ دَفعُ اللهِ الناسَ بَعضَهُم بِبعضٍ لهُدمَت صَوَامعُ وبيَع ُُيُذكَرُ فِيها اسمُ اللهِ كَثيِراً ولينَصُرَنَ الله َُمَن ينَصُرُهُ إن اللهَ لَقَويٌ عَزيِزٌ"(1)، إن لبيوت الله حرمة فمن تجاوز عليها تجاوز على الله .

      منذ بزوغ الدعوة الإسلامية حورب المسلمون ولاقوا من الأذى من أبناء جلدتهم ما تنئ عن حمله الجبال،في الوقت ذاته وجدوا أحضان النصارى في الحبشة تفتح ذراعيها لتضمهم تحت راية السيد المسيح(ع) الداعية إلى الله إلى المحبة والسلام والرحمة، فأوهم وأكرموهم وكانوا سنداً وعوناً لهم ضد المشركين(2)، وبعد فتح مكة في السنة (9هـ\630م) أمر الرسول الكريم محمد(ص) بطمس الصور المعلقة على جدران الكعبة ووضع كفيه الشريفتين على صورة عيسى أبن مريم وأمه العذراء(ع) وقال: "امحوا جميع الصور الا ما تحت يدي.."(3).

      قامت علاقته (ص) مع أهل الكتاب على أساس احترام العقيدة وإطلاق الحرية لهم في ممارسة شعائرهم والاحتفاظ بدور عبادتهم وعدم المساس إليها وإعطاءهم بذلك العهود والمواثيق التي تصون وتحفظ حقوقهم عبر تقادم الأجيال، فأصبحوا أهل ذمة (والذمة في اللغة العهد والأمان) فهم في ذمة المسلمين لهم مالهم وعليهم ماعليهم، وأكد الرسول الأكرم(ص) بأحاديث عدة ضرورة احترام أهل الذمة وحفظ حقوقهم لقوله: "من ظلم معاهداً أو انتقضه أو كلفه فوق طاقته اواخذ منه شيئاً بغير طيب نفسٍ فأنا حجيجهُ يوم القيامة"(4)، وقوله: "من قتل نفساً معاهدةً بغير حقها لم يُرح رائحة الجنة"(5). وسار خلفاءه من بعده على نهجه فأطلقوا وصاياهم إلى عمالهم وقادتهم مؤكدين عليهم صيانة حقوق أهل الذمة ومنها "أن لايهدموا بيعة ولا كنيسة ولابيت نار"(6).

      هذه أخلاق الإسلام مع أهل الأديان الأخرى. واليوم أين مايحصل من أخلاق الإسلام؟

      فكفى إساءة للإسلام ولرسول السلام، فان تفجير الكنائس ودور العبادة الخاصة بأهل الديانات الأخرى بمختلف طوائفهم وهم يعيشون في ظل المسلمين يحمل إساءة بالغة للإسلام وهو منه براء، فالحاقدين بضربهم كنيسة أو مسجد حققوا أهدافا بهدفٍ واحد والقوا بذور الفتنة على الأرض لكن بذورهم عقيمة ولن يباركها الرب.فما أبشع أن يمتلئ قلب الإنسان بالحقد والكراهية والضغينة فلا يكون له وازع ديني ولا رادع أخلاقي فبالتالي هو ميت الضمير فهؤلاء المسيئين هم فعلاً ميتي الضمير وقلوبهم كالحجارة بل أقسى منها هم عبيد الدنيا التي تغريهم بمباهجها ومادياتها بالأمس كان أبو التوحيد إبراهيم الخليل(ع) يخاطب أباه معاتباً إياه على عبادة الأصنام التي يصنعها بيديه قائلاً له: "إذ صار المصنوع بيديك معبوداً لك،والصانع اشرف من المصنوع"(7). وأصنام اليوم اختلفت شكلاً لكنها بالجوهر واحد فعبيدُ الدنيا يصنعون المال ثم يعبدوه وكأنهم خالدين فيها، متناسين إن الإنسان لو امتلك الدنيا باجمعها فهو فقير لماذا؟ لأنها دار فناء،أُناس يحلمون بإعادة أمجاد إمبراطوريات غابرة لم تنل منها الشعوب سوى الذل والعبودية والطبقية، التأريخ يُخلد لكنه،يُخلد العظماء ومااكثر الشخصيات التي حوتها مزبلة التأريخ.

      لو تأمل الحاقدين، المسيحيين في صلواتهم ماذا يرددون لما تجرأت أياديهم الملطخة بالدماء لتنسف دور عبادتهم (بيوت الله) التي يتوجهون فيها إلى بيت المقدس أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، هم يرفعون اكفهم بالدعوات النابعة من قلوبٍ تملئها المحبة والسلام بحفظ العراق وأهله هم يتوسلون بالله وبالعذراء الطاهرة أن يعم السلام بلد السلام وان تحل المحبة في قلوب الناس أجمع ويُنتزع الشر من صدورهم وان يوحد الله العراقيين من مختلف الأطياف والأديان، فهم إخوة في بلدٍ يزدادُ فخراً وشموخاً أن وطئته أقدام أنبياء واائمة وصلحاء وأولياء بلدٍ جذوره تضربُ في عمق التأريخ.

      فيامن تأتون الناس غدراً سيأتي يومُ لاتجدون جناحاً تنضوون تحته، وأرواح الأبرياء لن تذهب سدى، فماذا أعددتم لذلك اليوم؟ وبيوت الله لها ربٌ سيمنعها منكـــــــــــــم.

 

 

 المصـــادر:

 1-القرآن الكريم،سورة الحج،الآية:40.

 2-الطبري،محمد بن جرير،تاريخ الرسل والملوك،ط1،ج1،بيروت-2005،ص463،ص466.

 3-الازرقي،محمد بن عبدالله،أخبار مكة ومافيها من الآثار،ج1،ص165.

 4-البيهقي،احمد بن الحسين،سنن البيهقي الكبرى،تحقيق:محمد عبد القادر،ج9،مكة المكرمة-1994،205.

 5-ن.م،ج8،ص133.

 6-أبو عبيد،القاسم بن سلام،الأموال،تصحيح:محمد حامد،القاهرة-1353،ص95.

 7-الشهرستاني،محمد عبد الكريم،الملل والنحل،ط1،دار الفكر-1999،ص246.

 

 

أعلى الصفحة

  العودة للصفحة السابقة