نحن والجــذور
عبدالله النوفلي
8
حزيران 2009
بكل تأكيد عندما نتكلم عن (نحن)
فإننا نقصد
المسيحيون من الشعب الكلداني السرياني الآشوري
الذي تمتد جذوره عميقاً في ارض العراق لآلاف من السنين حتى قبل
اعتناقهم المسيحية الامر الذي لو وضعنا الدِين جانباً في هذا
البلد لوجدنا نسبة كبيرة من العراقيين تعود بجذورها الى بابل
وآشور ... الى سومر وأكد ... حضارات وادي الرافدين الخالدة
التي الهمت العالم أجمع العلم والمعرفة والقوانين وغيرها من
الامور التي تفتخر بها الشعوب وتفرد لها المتاحف وتخصص لها
المهرجانات التي تجذب السواح لتدر مورداً مالياً مضافأ للبلد
وبذات الوقت تسلط الاضواء على ارث البلد وثقافته وتطور شعوبه
وصولاً الى الواقع الراهن.
وفي حال العراق؛ ماذا سيكون عليه حال ابناء العراق
الأُصلاء بعد حين اذا استمرت الحالة كما هي عليها اليوم بل
تزداد سوءاً من جراء تعرض ابناء شعبنا الى
افلاونزا الهجرة
الذي ما زال الفايروس الذي يصيبنا به غير معروف لدى المختصين
ليحصد كل يوم اعداد مهمة من أبناء شعبنا وخواص هذا الفايروس هو
القضاء على الجذور والاصابة بمرض التلهف للوصول الى اي بقعة
أُخرى من الدنيا؛ (المهم
خارج ارض العراق!!)
ومن الامور المدهشة ان الذين يصابون بهذا المرض ليسوا فقط من
سكان المناطق الساخنة التي تعاني من غزو العصابات ودمار الحروب
والسلب والنهب والاختطاف والابتزاز بل انتقل ايضاً الى مناطق
مستقرة أمنياً متوفر فيها السكن المريح والتجمعات السكانية
المتجانسة من الاعمام والخوال والاهل والاقارب وارض الآباء
والاجداد في نوهدرا او العمادية او شقلاوة او زاخو وغيرها من
البلدات والقرى والفصبات التي يتركها اليوم شعبنا بعد طول
الحنين من الابتعاد عنها في الازمنة الماضية التي يبدوا انها
كانت فترة حضانة لهذا الفايروس بأن يخف الاحساس بالوطن والارض
لكي يصل الانسان بعد ذلك الى جميع البقع الارضية في ارض الله
الواسعة هي بنفس المقدار من الاهتمام. عندما يتمكن الفايروس ان
يوسوس في صدور الناس ليقنعهم بأن النعيم موجود في ما بعد
البحار الكبيرة!
للاسف إن تفكير شعبنا هو بهذا الاسلوب خاصة بعد أن
اصبحت نسبة مهمة منه في استراليا أو أمريكا أو نيوزيلندة أو
كندا أو اوربا وابناء المهاجر يحاولون جذب الآخرين اليهم حتى
بعدم نقل صورة الغربة الحقيقية لمن لازال متعلقاً بجذوره لكي
يجذبهم اليهم ويحضى بالاهل والاقارب من حوله وتخف وحدته ويتنفه
قليلاً على امل اندماج الاجيال الجديدة في الارض الجديدة. لنصل
يوماً ربما ان السيناتور الفلاني من أصل كلداني أو رئيس حزب من
اصول سريانية ولا نجد لهذه الشريحة من اندفاع كافٍ لكي تبقى
وتتجذر في وطن الآباء والاجداد؛ المكان الطبيعي لوجودها ...
وجميعنا ساهون عن واقع الحال، نتصارع من أجل كرسي في البرلمان
أو في مجلس المحافظة ... نتصارع على الاسم ونثور إن مالت الكفة
للكلدان أو للسريان أو للآشوريين؛
صراع بين السياسيين،
صراع بين المثقفين ..
صراع في الساحة الدينية،
حتى إن ساحة الصراع تبدو مغبرة جداً وكأنها ساحة معركة حقيقية
كل يحاول سلب إرادة الآخر ورأيه وحريته في التعبير .. كل يحاول
إطفاء ومضات النور التي تشع هنا وهناك .. وجميعنا نصل
بتحليلاتنا الى حالة اليأس وفقدان الامل حتى نوصل أبناء شعبنا
الى حالة اليأس ونركز بشدة على أخبار القتل والدمار والخطف ولا
نذكر مطلقاً حالات الأمل التي تنتشر هنا وهناك كأعمال التعمير
والبناء وغيرها التي تجري في الوطن، بينما أجهزة إعلامنا تُركز
على الحفلات التي تجري في دول المهجر وتعرض تفصيلاتا لكي يرى
من في الداخل
أن الجنة هي في الهجرة!!
بينما في العراق تجري حفلات كثيرة ومناسبات دينية ودنيوية
مختلفة .. لا أحد يبرزها، فإذا رقي كاهن في كندا الى درجة
الخور اسقف مثلاً تعرض الفلم كاملاً بينما ذات المناسبة في
بغداد لا يلتفت اليها أحد وبغداد واهلها مضلومون فعلاً فعشرات
الكنائس ترمم وبناء منشآت جديدة أُخرى تجري بمليارات الدنانير
لكن لا أحد يسلط الضوء عليها لتبقى الفكرة لمن هم في الخارج إن
الوطن عرضةً للخراب والدمار وبالمحصلة
نجد الاجانب يتهافتون للاستثمار في العراق وأهل العراق
يتهافتون للفوز بالفتات المتساقط من موائد الاغنياء في دول
المهجر!!
هل نرضى بهكذا حالة؟
علينا تقع مسؤولية الاجابة..
أعلى الصفحة
العودة للصفحة السابقة
|