هل حان الوقت لنرحل بما بقي لنا من كرامـة ..؟؟ ام نبقى ننتظر ضوء موعود في نهاية نفق مفقود..؟؟؟ 

نبيل موسى حنا

hanna.nabeel@yahoo.com

22 كانون الثاني 2009

    قد يكون العنوان قاس ٍ لمن يقرأه او يسمعه وحتى من يكتبه او يفكر به... لكن هل صحيح انه لم يرد على بال وفكر الكثيرين منا..؟؟ وهل ان من خرج او هرب من الوطن ارتاح في الخارج وعثر على سبيل الحياة الافضل الذي يبحث عنه الجميع، وقد نحتاج الى مقارنة بين من خرج ومن بقى وهل هناك اناس خرجوا وعادوا نادمين؟.. حتى من بين من ندموا على الخروج هل عاد منهم احد..؟؟ وكم هي نسبة اعداد من رجعوا بالمقارنة باعداد من خرج ولا يزال يخرج يوميا؟..

   بالتأكيد مسؤولينا ورؤساءنا المدنيين والدينيين لايعجبهم هذا الكلام، ولكن من منهم ابقى على عائلته في الديار او لم يحاول ان يجد منفذ لهم بالخارج وحتى لو بقي هو وحده هنا لاسبابه الخاصة، فبأمكانه الخروج باللحظة المناسبة والى المكان المناسب، لكن المواطن العادي الذي يحاول الخروج من البلد سيعتبر خائن لتراث الآباء والاجداد؟؟!!! لماذا؟؟!!

   اقول هذا الكلام وانا لازلت في البلد ولم اخرج منه ولكنني بصراحة فكرت بالخروج على الاقل حفاظا على اولادي واحفادي او ما بقي منهم ولم تأكله نيران الحرب والحروب اللاحقة بين الاخوة من ابناء نفس الوطن. ولازلت اتحمل ملامة اولادي وكلامهم بعدم تحمل المسؤولية او انني لا اهتم لمصيرهم وانني اسمع كلام لناس تدعي الفهم والغيرة على تراث الاجداد بينما هي مستعدة وبكل لحظة لترك كل شيء والسعي بنفس الاكاذيب في مكان آخر، واضعف الايمان اذا اشتدت علينا المصاعب فمن السهل السفر لفترة الى مؤتمر او تجمع او دعوة لزيارة والاطلاع على الجالية في احدى الدول المرفهة وانتهاز الفرصة للبكاء على احوال الطائفة الباقية في (بلدنا الجريح) وجمع التبرعات (تسمية جميلة للعراق جمعت بها الكثيرمن التبرعات لاطراف لاتحتاج الى تبرعات من الاصل).

   هل لو خرجنا الى بلاد الله الواسعة سنكون في آمان وأفضل حال مما نحن عليه؟؟؟ ربما نعم وربما لا.. ولكن قد نفقد اشياء ونحصل على اشياء اخرى، ويقال (ان من يريد شيء يعوف شيء...)، لا اقول هذا لانني اشجع على الرحيل فللمرة الثانية اقول انني لازلت هنا، لكنني اقارن بين احوال اناس خرجوا وكانوا تقريبا معدمين هنا وحاليا اصبح لهم صوت وكيان وقدروا ان يفعلوا شيء لهم ولاولادهم.

     هل نحن مرغوب بنا في بلدنا؟؟ لا ادري بماذا اجيب!!! لا اريد ان اسأل جاري او الاغلبية من جيراني ومعارفي واغلبية الطبقة المثقفة والطبقة المتوسطة والطيبة القلب التي تعرف مكانة ودور كل طائفة وقومية واقلية في العراق، وهذه الطبقات لا تفكر مثلما كنا لا نفكر بمثل هذه الفوارق الدينية والقومية بين ابناء الوطن الواحد، لكن اوجه السؤال الى مسؤولينا وكل من بيده الامر وبأية نسبة كانت، ولا اريد جوابا تقليديا وكانه في لقاء صحفي وسيكون الجواب معروف ودبلوماسي، اريد ان اعرف الجواب الذي يظهر ما بين الاسطر من التصرفات والقوانين والاعمال التي تصدر من هذه الجهة او تلك، فمن يسمع الكلام يقول ان الاقليات بخير وان رباط المحبة والاخوة يربط الكل، لكن من يرى التصرفات والقرارات المتخذة سيتوقع انه في بلد آخر!!!..

   لا افهم الى الآن حساسية البعض من الذي يخرج من هذا البلد وكأنه نبذ دينه وتراثه، الم يأمر الله ابراهيم للخروج من العراق..؟؟؟ الم يقل ليوسف ومريم ان يأخذوا الطفل ويخروجوا من ارض فلسطين لفترة..؟؟؟ وهل المكان الذي سيذهب اليه اي شخص هو محرم ونجس..؟؟ انا اسمع وارى في الخارج الآن اناس عراقيين بدأوا يعملون في مجالات ماكانوا يستطيعون ان يبدأوا بها هنا وهم ينشرون الثقافة والتراث العراقي هناك بالاسلوب الحديث والذي يفهمه الغرب.

     لا ادري لماذا نحن الوحيدين في العالم الذين نحاول ان نقطع الصلة مع الجاليات العراقية في الخارج ونريد ان ننبذهم‘ مع ان غيرنا يستغل مثل هذه الجاليات لمصلحة وتقدم بلده... مع انه يجب ان نذكر ان من يحاول ان يكره الناس بالغربة والخارج، هو نفسه من يلهث وراء من استقرت اموره في بلاد الغربة ليستعطي منه الصدقة والعزائم والجاه، وليفكر في نفسه وعقله كيف يبتهج داخليا عندما تاتيه فرصة لبعثة او دورة او حتى ندوة الى اي بلد خارجي وحتى لو كان هذا البلد قبل سنوات قليلة متخلفا اذا ما قورن بالعراق في تلك الفترة....

     لماذا تبقى الهتافات السياسية والدينية تحاول ان تسيطر على عقول وعواطف الشعب والطوائف، ويستغلها البعض قصداً او عن غير قصد لتسيير اموره وتعلية منصبه ومركزه...؟؟

      لماذا لا ندع الناس تتخذ قرار مصيرها ونحاول ان ننصح ونساعد الكل وبالامكانيات المتاحة، الم يكن من الممكن ان تكون هناك طريقة رسمية وبترتيب من الداخل والخارج لتهجير هذه الطوائف التي لا مكان لها هنا وتسهيل امور خروجهم الى دول هي تستقبل بالفعل اعداد من مختلف الاجناس والاعراق وهي مستعدة بكل ترحيب لاستقبال طوائفنا التي تعرفها حق المعرفة بأنها طوائف مسالمة وفعالة في مجتمعاتنا التي تكتب عليها فكيف لو اعطيت لها الفرصة في العمل والانتاج... ونحن نلاحظ كل يوم ان هذه الدول الاستعمارية والهمجية والمتخلفة والتي يستنكف البعض عند ذكرها، هذه الدول عندما تعامل جاليتنا هناك وتعتبرها من الدرجة الثالثة او اقل فستكون الجالية بحال افضل واحسن من حالها عندما كانت هنا وتسمى مواطن من الدرجة الاولى بالعلن... اما في الخفاء فلا ندري الى الآن يعتبروننا من اي درجة....

       مجرد تساؤل يطرح ويحتاج الى مناقشة عميقة... هل تحتاج كل طائفة او اقلية للرحيل كلما عصفت بها الشدائد في ارض كانت ولا زال التأريخ يحكي قصصا عنها بآثاره وتراثه...؟؟؟