يا نساء مجلس النواب .. لا رجعة الى الوراء

مندائية

 

 

   علقت المرأة العراقية آمالا عريضة على النساء من اعضاء البرلمان لأجل العمل الجاد برسم الطريق الصحيح لتقدم المرأة العراقية في المجتمع العراقي والدولة معاً. وحين انتخبنا الذين وصلوا الى كراسي الحكم بارادتنا كنا قد وضعنا ثقتنا بكونهم أناسا يحترمون المرأة الى درجة التقديس بشخص فاطمة الزهراء, ومن خلال ان شريعة الشيعة تنصف المرأة أكثر من بقية الشرائع الاخرى وكنا نأمل منهم أن يرتقوا بالمرأة التي حققت السلالة النبوية في النبي محمد (ص) لا أن يقهرونها ويرجعونها الى العصور الغابرة, وكنا نتأمل أن تقود الحركة الوطنية في العراق فئة من المثقفين الذين يترفعون عن كل ما من شأنه الحط من مكانة المرأة. وتوخينا نحن النساء العراقيات خارج البرلمان من المجموعة النسوية أللواتي جلسن على كراسي الجمعية الوطنية في أن يمثلننا افضل تمثيل وبصدق وجرأة وثبات. كنا نطمح في ان تتساوى المرأة بالرجل في جميع مرافق نشاطها السياسي والاجتماعي العملي منه والنظري' لا ان يحدث الضد فيعود "القدر" بالمرأة الى الوراء مع الاسف الشديد.. توخينا الارتقاء بوضع المرأة من خلال تعزيز المشاركات النسوية داخل الجمعية الوطنية وكانت أحلامنا وآمالنا ترنو الى تفعيل اللجان المركزية النسوية ومشاركتها في قيادة المؤسسات الاجتماعية والسياسية, لأن حق المرأة جزء لايتجزأ من حقوق الانسان, فاذا بنا نصطدم بال "الفيتو" الذي يعتبر المرأة حقا من حقوق الرجل.. أين هو اذن دور المرأة التي تجلس على كرسي الجمعية الوطنية الآن وهي ترى وتلمس حالة الارتداد في كل مفاصل الحياة التي تخص المرأة العراقية؟ أين هو رأيها من التعديلات التي يؤمل أن تجري على الدستور العراقي خلال الفترة القريبة المقبلة؟ وأين هي من قانون الأحوال الشخصية وقضايا المرأة والأسرة وهي تدرك خطورة فرض نظام قانوني وقضائي معين على أية فئة غير مسلمة كفرض الشرع الاسلامي على المسيحيين أو المندائيين وغيرهم من غير المسلمين أو فرض قانون خاص بمذهب معين على مذهب آخر؟ لماذا السكوت والاذعان أو مسايرة ما يجري في العراق والمرأة في الجمعية العراقية تعلم أن العلمانية هي ليست ضد الدين, وأنها ليست كفرا وإلحادا كما يصفها أو يصورها بعض الظلاميين المتخلفين من رجال الدين من المسلمين والمسيحيين والمندائيين على السواء؟ أليس الأجدر بالمرأة العراقية هناك أن تقول وبأعلى صوتها الذي يصل أسرع من شعاراتنا ومقالاتنا وآرائنا الى اصحاب القرار: أن العلمانية هي الاعتقاد والممارسات التي لاعلاقة لها بالجوانب الغيبية المستمدة من السماء لتطبيقها على الحياة الانسانية' وأنها ليست معادية ولا هي بديل للدين ولا تتعرض لأية منظومة معرفية أو قيمية تخص المعتقدات الدينية باي شكل من الاشكال؟ وأنها واعني العلمانية من جديد: شرط من شروط التحديث, وشرط لدخول الديموقراطية. وأنها والديموقراطية تستندان الى نفس المبادئ التي هي الحرية والعدالة والمساواة؟ وألعلمانية بالتالي هي فصل الدين عن الدولة فالدين لله والوطن للجميع, وأن خلط الدين بالسياسة هو أقصر طريق الى الخراب والدمار؟ فيما الدولة العلمانية تهتم بحماية حرية الفكر والمعتقد, تحمي الديانات كافة من الانفراد والتسلط وفرض بعضها على البعض الآخر مهما كان الفرض صغيرا ام كبيرا ودليلي لما اقول هو الدول العلمانية في اوروبا وغيرها في القارات الخمس حيث الاقليات الدينية تحضى بسائر الحقوق التي تتمتع بها فصائل الديانات الاخرى. كلنا ندرك أن إصرار بعض الانظمة العربية إن لم نقل أغلبها في إضعاف التيار العلماني, وتعزيز تحالفاتها مع التيارات الدينية يهدف الى إضفاء القدسية على المناصب الرئاسية الابدية المصانة مرة بالقوانين ومرات بالدبابة والمدفع ليس إلا. على المرأة في الجمعية الوطنية ان ترفع صوتها عاليا لتقول: لاشيء أقسى من القتل باسم الدين كما يقتل أبناء الطائفة المندائية وغيرهم على حد سواء هذه الأيام في المدن والقرى العراقية والقاتل يتخيل أنه بعمله هذا سوف يدخل جنة الله الواسعة. أليس هذا دليل على أن الغلو الديني يساعد على نمو المشاكل والامراض الاجتماعية؟ لتكفر المرأة العراقية في الجمعية الوطنية عن موقفها حين حملت اللافتات وناصرت بعض القوى الدينية التي تسعى لإرجاع المرأة الى الوراء وساندت كل مايسييء الى مكانتها وما يتعارض مع نواميس الحياة, فنحن لا ننسى وقفة المرأة في الجمعية العراقية التي أيدت إهانة المرأة بإ صرار من خلال الشعارات التي رفعت آنذاك وأساءت لآدمية المرأة ولحقها في المساواة مع الرجل. ولا ننسى اللافتات التي رفعت لتؤكد ولتؤيد تعدد الزوجات والحجاب الالزامي وتزويج الفتاة بعمر الطفولة... الخ من الشعارات والمفاهيم التي تهدف لإذلال المرأة ووضعها تحت سياط الرجل, والتي تشترك كلها بهدف واحد هو الخسارة والتردي على كافة المستويات. هل نسيت عضوات الجمعية الوطنية ان هنالك نساء عراقيات ينتمين لأديان أخرى عشن في هذا البلد منذ أقدم العصور؟ أليست المرأة المسلمة أوالمسيحية أو المندائية العراقية او غيرها جديرة بحق أن تعيش كما تعيش نساء القرن الواحد والعشرين؟ اعني الحرية والمساواة والعدل في مرافق الحياة كافة؟ ليس القصد هنا أننا ضد موضوع الحجاب اذا كان إختيارا وقرارا من المرأة نفسها وليس إجبارا كما يريدون, فالمرأة تحجبت لأسباب جغرافية بيئية موضوعية في قديم الزمان لأجل حماية نفسها من ريح السموم اللاهثة صيفا أو من البرد والريح الشديدة شتاءا حين كانت الحياة صحراوية بدوية فكانت تلبس لباسا طويلا يحميها وتضع على رأسها غطاءا لتحمي شعرها لالتحجب نفسها عن أنظار الاخرين كما يظن البعض الان, وحتى الرجال في بعض البلدان وفي عصرنا هذا "يتحجبون" فيلبسون السروال الطويل ويغطون رؤوسهم باليشماغ أو الغترة والعكَال ولا يعترضون على هذا الحجاب لأنه برغبتهم وليسوا مجبرين عليه. أما تعدد الزوجات فقد كان في ظرف وزمن يتناسب مع ماتعرضت اليه البلاد قديما من فقدان أعداد كبيرة من الرجال بسبب القتل والحروب المستمرة, مما دعا الكثيرين من الرجال الى الزواج بأكثر من زوجة لكي لاتبقى الفتيات عوانس ولأجل تعويض العدد السكاني, والحالة الان مختلفة تماما في ظرفنا الحالي. فليكن الحجاب وليكن تعدد الزوجات ولكن ضمن حالة القبول والرغبة الشخصية لدى المرأة وليس قانونا تخضع له المرأة مجبرة, فتلبس الحجاب لكي لايبصق على وجهها أو يسكب عليه التيزاب, وتتزوج من تختار برغبتها وقرارها وليس من أجل أن تسترها عائلتها لكي لاتجلب العار لأهلها ولذويها كما يزعمون.. وبدلا من أن نرفع شعارات منبوذة ومخجلة لتكريس الاستبداد, لنرفع جميعا شعار إقرار المساواة الفعلية بين الرجل والمرأة في التشريع والواقع, بعيدا عن كل المحاصصات, ولنضع أمامنا تجربة طاجكستان التي يمثل فيها المسلمون نسبة 90% من مواطنيها وبرغم ذلك نص دستورها على نظام علماني بتماشى مع ظروف العصر ولا يتنافى مع الاعراف والتقاليد..