(الدهفة حنينا) عيد الازدهار عند المندائيين

دبت الحياة في الارض وازدهر العالم

حسين كريم العامل

 

    في الثامن عشر من شهر( تورا) المندائي هو العيد الصغير (دهفة حنينا)، ويسمى احيانا (دهفة طرمة)، وقد صادف هذا العيد في عامي 1932 و1935 الثالث والعشرين من تشرين الثاني... وهذا العيد يستمر ثلاثة ايام تقام خلالها مراسيم التعميد وقراءة الفاتحة للموتى (اللوفاني) وهو يقام احتفالا بعودة هيبل زيوا الى عالم الانوار من عالم الظلام). هذا ما قالته الليدي دراوور في كتابها (الصابئة المندائيون) عن الدهفة حنينا، لكن هامش المترجمين وهم من ابناء الطائفة المندائية يشير الى ان مدة عيد الدهفة حنينا الدينية هي يوم واحد فقط وليست ثلاثة ايام، رادين استمرار الاحتفالات ليومين اخرين لاغراض التزاور. وقد صادف العيد هذا العام 2005 في الخامس من تشرين الثاني وسبب هذا الاختلاف في التواريخ الميلادية يعود لاشهر السنة المندائية الاثني عشر التي يتكون كل شهر منها من ثلاثين يوما فقط يضاف لها خمسة ايام البنجة التي يعدها المندائيون اياماً نورانية مقدسة.


عيد الازدهار:
  وقد حدثنا الترميذة (الشيخ) سرمد سامي الذي حضر من مدينته الشطرة الى مندى الناصرية للمشاركة في طقوس العيد واقامة مراسيم التعميد التي لايمكن ان تتم من دون حضور رجل الدين عن الدهفة حنينا قائلا:
الدهفة تعني مناسبة او عيد وهي تختلف عن كلمة (دهبة) التي تعني الذهب كما ذهبت الى ذلك الليدي دراوور في كتابها (الصابئة المندائيون) فقد جاء في كتاب (ديوان الف ترسر شيالة) المندائي الذي معناه الف واثنا عشر سؤالاً النص التالي (اترص تاغة ابكل دهفة) ومعناها ثبت تاجك في كل مناسبة وقد جاءت كلمة دهفة هنا بمعنى مناسبة اما كلمة حنينا فتعني الازدهار، والعيد هو عيد الازدهار فالحياة دبت في الارض في مثل هذا اليوم وازدهر العالم المادي.


  وعن خصوصية العيد قال: يتميز العيد باقامة مادبة افطار تحتوي على الرز واللبن والتمر والسمن الحيواني (الدهن الحر) وهذه عادة اجتماعية اكثر منها دينية وكذلك تقام طقوس التعميد وعمل الثواب (اللوفاني) اضافة الى اقامة الاعراس . واثناء حديثنا مع الشيخ حضر الى المندى عروسان بملابسهما الدينية البيض الجديدة تحف بهما جوقة من الرجال والنساء حيث ستقام مراسيم الزواج بعد ذلك على يد الشيخ.


مأدبة الافطار:

  وعن الاستعدادات لهذه المناسبة حدثنا السيد حكيم سليم حنظل رئيس الطائفة في ذي قار قائلا : تبدأ الاستعدادات للعيد منذ ساعات الفجر الاولى حيث يؤدي المندائيون الصلاة وقراءة الادعية والتراتيل الدينية ولا سيما دعاء الرحمة (نياني رهمي) كما يقومون بالاعداد والتحضير لمأدبة جماعية في المندى يقدمونها كوجبة افطار بعد شروق الشمس.


  وقد دعاني السيد حكيم لمشاركتهم هذه الوجبة، فتناولت مع مجموعة من المندائيين الرز المطبوخ واللبن والتمر والسمن الحيواني من احد الصحون الممتدة على طول ساحة المندي الداخلية وقد علمت من احد الجالسين ان هذه الوجبة لا تقتصر على اليوم الاول من العيد بل يمكن اقامتها في أي يوم من الايام الثلاثة عالم الانوار


  وعن الفعاليات الاخرى التي يتضمنها العيد حدثني السيد نعمان جوبان قائلا :

  يجري الاحتفال بهذا اليوم ابتهاجا بعودة الملاك(هيبل زيوا) من عالم الظلام الى عالم الانوار حيث قام بتطهير العالم المادي من قوى الشر وهيأه لسكن بني البشر بعد ان تمكن من الحصول على (السكين دولة) التي تعتبر سر قوة ذلك العالم، وفي هذه المناسبة يقوم المندائيون بتقديم التهاني الى الشيخ والتزاور فيما بينهم وتقديم التعازي للعوائل التي فقدت احد افرادها في الايام التي سبقت العيد وكذلك يقومون بعمل الثوابات على ارواح الموتى (اللوفاني)وزيارة العوائل المتعففة من ابناء الطائفة وتقديم الدعم المادي والاغذية لها فضلا عن مراسيم التعميد التي تعتبر تطهيرا للنفس والجسد كما يمكن اقامة الاعراس في هذه المناسبة وفي ايام غير ايام الاحاد كما هو معتاد فايام الاعياد مقدسة وصالحة لاقامة مراسيم الزواج.